«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
بالأمس القريب تعرَّضت سيارة مصفحة في بريطانيا لنقل الأموال تابعة لشركة عالمية معروفة للسطو عليها من قِبل مجموعة من اللصوص. والشرطة البريطانية تتعقب الجناة الذين فروا بـ7 ملايين جنيه إسترليني، وذلك حسب الخبر المنشور في صحيفة الديلي ميل. إطلالتنا ليست عن هذه الحادثة، ولكنها عن (سيارات نقل الأموال المصفحة). فالكثيرون منا قد لا يعلمون أن أول من ابتكر السيارة المصفحة هو العبقري والفنان «ليوناردو دافنشي» من خلال رسوماته المصورة في عام 1485م.
ومن هذه الرسوم، ومع تطويرها، صنعت السيارات المصفحة التي استُخدمت في مجالات عديدة، منها العسكرية وحتى الاقتصادية. وكذلك تُعتبر عربة الكنز التي صممها «بلام هيلز»، والتي كانت مخصصة لنقل الأشياء الثمينة أيام الحرب الأهلية الأمريكية. ومع توحد الولايات الأمريكية، ولمزيد من التصدي للعصابات واللصوص، بدأت العديد من شركات الصرافة والأموال باعتماد السيارات المصفحة لنقل الأموال والوثائق والمستندات والذهب والمجوهرات، وحتى الأشياء الثمينة جدًّا.
ومن بين السيارات المدرعة الأولى التي بُنيت كانت سيارة بلومور في عام 1910م، التي كان من المفترض أن تعمل في الخدمات المصرفية كمصرف متنقل، ولكن أيضًا بوصفها فرعًا مصرفيًّا متنقلاً. وبُنيت على شكل (أوتوكار) شاحنة متحركة. وأنتجت رولز رويس في أغسطس 1914 سيارة «الشبح»، وكانت - للحق - أول مركبة مدرعة قُدمت إلى الجيش البريطاني. وأثبتت السيارة تفوقها خلال الحرب، وبعدها تضاعف الطلب على هذه النوعية من السيارات من مختلف دول العالم. في عام 1930م قامت شركة «مرسيدس بنز» الألمانية الشهيرة بإنتاج سيارتها المصفحة المنافسة، وكانت مخصصة لتنقلات البابا الحادي عشر. وباتت بعدها أكثر شعبية، وزاد الإقبال عليها من دول عديدة؛ لتستخدم كمركبة رسمية لقادة الدول. وتم تصنيع أنواع خاصة بالأموال والأشياء الثمينة.
وبالتالي انتشر استخدامها بصورة واسعة.. وعادة السيارات التي تُستخدم في نقل الأموال هي سيارات مضادة للرصاص وللاقتحام؟! وفي العقود الأخيرة زودت بمختلف الأجهزة الإلكترونية واليدوية وأجهزة الاتصال وكاميرات المراقبة. وعادة الشركات المتخصصة في نقل الأموال لديها مجموعة من العاملين المؤهلين تدريبًا لمقاومة الهجوم، وعلى معرفة باستخدام السلاح الذي يحملونه. وكل موظف لديه ترخيص بحمل السلاح، حسب اتفاقية الشركة صاحبة السيارات المخصصة لنقل الأموال مع المؤسسات والأجهزة الأمنية في كل بلد.
ومع هذا تحدث حالات من السرقة التي عادة يخطط لها اللصوص أو العصابات بدقة، أو من خلال تواطؤ أحد العاملين في الشركة، أو حتى السيارة المصفحة نفسها. وهناك حالات تحدث عندما يؤخذ أحد أفراد أسرة الموظف أو رجل الأمن في سيارة نقل الأموال. ولقد شاهد بعضنا العديد من الأفلام التي صورت جوانب عديدة من حوادث السطو على هذه السيارات..؟!
وماذا بعد؟.. في بعض الدول لا يتم فتح أبواب السيارة المصفحة بالكامل لتسليم حقائب النقود، ولكن العملية تتم من خلال فتحة صغيرة «كوة» خلف السيارة، وفي داخل السيارة يجلس السائق وبجانبه مرافق وعلى رأسيهما خوذتان حديديتان مقاومتان للرصاص، ونوافذ السيارة زجاجها معتم. ومع هذا، ورغم هذا، تحدث في مختلف دول العالم حوادث سطو غير متوقعة على هذه السيارات. كما حدث للسيارة البريطانية لنقل الأموال..؟!