د. جاسر الحربش
الأرقام تبقى على الورق حتى تبدأ في التحول إلى مداخيل يغطي بها المواطن احتياجاته. كلما طالت الفترة الزمنية قبل تحويل الأرقام إلى وظائف وبيوت ومهور كلما ارتفعت الهمهمات والتساؤلات، وأهمها متى يحدث التحول.
حتى الآن لم يحصل التحول سوى في تطبيقين، فواتير الحكومة وأسعار البضائع. هل للحكومة أسنان وللتاجر أضراس؟. الجواب نعم، للحكومة أسنان في محطات الوقود وعدادات الكهرباء والمياه وغرامات المرور وفواتير الاتصالات التي تمتلك الحكومة فيها النسبة الأعلى، وفي أجور تجديد الرخص والإقامات وغير ذلك من المنافع لتغطية بعض النواقص في الميزانيات والمشاريع. الأسنان الحكومية صارت تقرض من ريال المواطن قطعة أكبر مما تعود عليه في الماضي. أما التاجر فله أضراس وأنياب تطحن ما تبقى من ريال المواطن، على إيجارات السكن التي لم تتزحزح قيد أنملة إلى الأسفل، وعلى مشتريات اللحوم والدواجن والأسماك والملابس وبالذات الأدوية والسيارات. زاد العرض ونقص الطلب لكن الأسعار في حالة جمود. المواطن أبو ريال صدق تحليلات خبراء الاقتصاد مع بدايات تطبيق الرؤية الجديدة بأن الأسعار سوف تهبط طرديا ً مع هبوط القوة الشرائية ولكنها لم تفعل.
لا أحد يطالب الحكومة بالتنازل عما تراه ضرورياً لترشيد الاستهلاك وتأمين بعض العجز بين المداخيل والمصاريف، لكن كل واحد يطالب الحكومة بمقارنة الأسعار في السوق السعودي بأسعار نفس السلع في الأسواق التي تستورد نفس البضائع بأسعار أقل بكثير وبدون عمولات للوكالات والوكلاء، ثم تباع في تلك الأسواق بأسعار تقل كثيراً عن الأسعار في الأسواق السعودية. تصحيح هذا الوضع يوفر على المواطن جزءاً مما تطحنه أضراس التاجر.
يوجد عبث احتكاري في السوق السعودي يدفعه المواطن من جيبه مقابل السيارة وقطعة الغيار وعلبة الدواء وأحياناٍ يكون فارق السعر الهائل مقابل بضائع مغشوشة، استنادا ً على تصريح معالي وزير التجارة والاستثمار.
مجرد استطلاع إحصائي عشوائي بسيط لآراء المواطن حول رياله العزيز، ولنقل في خمس مدن وعشر قرى موزعة على الجغرافيا السعودية سوف توضح ما إذا كان المواطن دخل مرحلة القلق على رياله أم ليس بعد.