ماجدة السويِّح
التصريحات المثيرة والصادمة للمجتمع لم تعد حكرًا على مشاهير الشبكات الاجتماعية من صغار السن وقليلي الخبرة والتأهيل العلمي، الباحثين عن الشهرة لاستثمار حساباتهم بحثا عن المعلن والكسب المادي السريع، بل تجاوزته للأكاديميين الباحثين عن الشهرة ولو على حساب العلم والأخلاق العلمية.
كما أن البحث عن الإثارة والتفرد على حساب المهنية أصبحت ديدن بعض المقدمين والمقدمات للبرامج التلفزيونية، الذين يرون أن الشاذ من الأفكار والطرح المهين هو الوسيلة المثلى للنجاح، بغض النظر عن تفاهة وسخف المطروح، وملاءمته للذوق العام.
«أكاديمية التعدد» هي من بنات أفكار الأكاديمية هوازن ميرزا، لمساعدة الفتيات والمطلقات والأرامل على إكمال نصف دينهن بثلث رجل لمدة عشرة سنوات، ثم يتحولن لزوجات لربع رجل بعد اقترانه بالهدية الرابعة «الزوجة الأخيرة». أكاديمية التعدد الثلاثي ستخصص خدماتها للشاب الأعزب بعمر الـ25، ولن تسمح للمتزوج بالخضوع للتجربة، فالشاب السعودي الأعزب من وجهة نظر مبتكرة الفكرة لا ينقصه سوى الزواج المتعدد؟! فهو في الغالب عاطل أو يكافح في وظيفة متواضعة لتحقيق حلم حياته بالاستقرار الأُسَري مع زوجة تسعده وتبني معه حياته.
من يستمع للأكاديمية هوازن ميرزا يدرك حقيقة العبث والدونية في الطرح لحل مشكلة العنوسة وتأخر سن الزواج لدى الفتيات، فـ»التعدد الثلاثي» سيخدم الشاب والفتاة والمطلقة والأرملة حسب زعمها، ويساهم في دفع عجلة التنمية المجتمعية لتحظى الفتاة بثلث زوج، وبعد مرور 10 سنوات من اجتياز الاختبارات المعملية والتقييم، وورش العمل المصاحبة، سيحظى الزوج بزوجة رابعة مجانا «فوق البيعة» (على قولة اخواننا المصريين)، وتحظى الأربع زوجات بربع زوج يتقاسمنه، ويعشن معه في سبات ونبات.
المعالجة الخيالية الصبيانية لحل مشكلة العنوسة تتطلب منا إيضاح حقيقة أن عدد الرجال يفوق عدد النساء في السعودية حسب آخر إحصائية للهيئة العامة للإحصاء عام 2016، وعند تطبيق الفكرة سيعاني -والله أعلم- بقية الشباب من نقص الفتيات للزواج، مما يخلق مشكلة اجتماعية أخرى لم تكن في الحسبان، كما أن الضرر الناجم سيفوق المصلحة المرجوة، فعلى غرار ستار أكاديمي سيخضع المشاركون بعد موافقتهم للملاحظة والدراسة لتقييم التجربة في مكان واحد يجمعهم، في انتهاك صارخ لأخلاقيات البحث العلمي، فالمفترض أن يراعي الباحث أخلاقيات البحث في عدم تعريض المبحوث لأي ضرر نفسي أو عاطفي، أو انتهاك لخصوصيته.
من المؤسف أن نرى انتهاك لكرامة وإنسانية المرأة من قبل أكاديمية تنتسب لجامعة عريقة، في حين تتنافس الدول في العالم الغربي بتحديث القوانين المنظمة لحقوق حيوانات التجارب عند تطبيق التجارب العلمية، السؤال الذي يؤرقني هل ستخضع الباحثة تجربتها لأخلاقيات البحث العلمي، التي تجرم أية انتهاكات لكرامة وإنسانية المبحوث؟! أم ستتجاهل النفس البشرية وحقها في العيش بكرامة؟! وتخضع المبحوثين لتجربة مهينة وغير آمنة العواقب؟!!
وأخيراً... نصيحتي لمبتكرة التعدد الثلاثي أن تبدأ بأهل بيتها ومحيطها العائلي في تطبيق دراستها المثيرة، التي ترفضها الإنسانية والنفس السوية، فالأقربون أولى «بالتعدد».