خالد بن حمد المالك
لم تنشغل الأردن ملكاً وحكومة وشعباً بمؤتمر القمة الذي عُقد في منطقة البحر الميت متزامناً مع الزيارة الملكية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، بل إن المملكة الأردنية قيادة وحكومة وشعباً انشغلت بالزيارة الملكية عن القمة وليس العكس، وانصرف اهتمامها بضيف الأردن الكبير بأكثر مما أعطته للقمة العربية من اهتمام.
* *
فقد كان واضحاً أن عمّان كانت تنتظر هذه اللحظة التاريخية منذ فترة طويلة، وأنها تعول الشيء الكثير على زيارة الملك سلمان في تجسير العلاقات بمثل ما تم الاتفاق عليه من خلال مجموعة غير قليلة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج الأخرى التي تم التوصل إليها سواء بين الدولتين أو بين القطاع الخاص في البلدين.
* *
ولعل ما سهل على الطرفين الوصول إلى ما تم الاتفاق عليه لتعزيز العلاقات الأخوية التاريخية بين بلدينا وجود مجلس سعودي أردني للتنسيق، ويرأسه من الجانب السعودي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن الجانب الأردني رئيس الوزراء هاني الملقي، حيث دخلت العلاقات الثنائية مع تأسيسه مرحلة جديدة من التعاون والتكامل والشراكة في المجالات الاقتصادية وغيرها.
* *
ومن المؤكد أن المملكة الأردنية الهاشمية لن تنسى هذه الزيارة، وتأثيرها على مستقبل العلاقات الثنائية، بعد اختتامها، وقد اتجه كل من الملك سلمان والملك عبدالله الثاني إلى منطقة البحر الميت حيث عقد مؤتمر قمة عمّان العربي في يوم واحد، واختتمت أعماله أمس، وعاد خادم الحرمين الشريفين إلى بلاده بعد زيارة رسمية ناجحة للأردن، وبعد مشاركة فاعلة في القمة العربية، بما ساعد على إنجاح أعمالها.
* *
كان اليوم الأخير في زيارة الملك للأردن قد شهد ضمن إظهار الاهتمام المهيب بخادم الحرمين الشريفين عرضاً عسكرياً للجيش الأردني شرفه الملك سلمان بحضور العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وخلاله أطلقت المدفعية 42 طلقة تحية للملك سلمان، كما قام الملك عبدالله الثاني بتقليد الملك سلمان قلادة الشريف الحسين بن علي، وهي أرفع وسام في المملكة الأردنية الهاشمية، فيما كان يتم عزف السلامين الملكيين السعودي والأردني.
* *
وفي اليوم الأخير أيضاً، استقبل خادم الحرمين الشريفين كلاً من رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي، ورئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة، ورئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، بحضور الوزراء والمستشارين المرافقين للملك سلمان، وقد تم خلال هذه اللقاءات بحث مجالات التعاون الثنائي، واستعراض العلاقات الوطيدة بين البلدين الشقيقين، بما أذن لفتح المجال أمام المزيد من فرص التعاون بين الرياض وعمان.
* *
ومنذ وصول خادم الحرمين الشريفين إلى عمان، ووسائل الإعلام المقروءة والمشاهدة والمسموعة، تغطي الكثير من اهتمامها بالزيارة، وتخصص لها مساحات وفترات للحديث عن أبعادها، وما تشكله من قيمة مضافة على العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين الشقيقين، ما يظهر الاهتمام بالزيارة، وما انتهت إليه من نتائج.
* *
ومثل ما قال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن الأمير خالد بن فيصل من أن هذه الزيارة، وما تولد عنها من تنسيق وروابط سياسية مشتركة، هي ضمان للأمن والأمان في ظل ما يحيط بالدولتين من حروب، وأن الملك سلمان والملك عبدالله الثاني بينهما تنسيق في أغلب الموضوعات، بما يمكن القول عن هذا التنسيق إنه صمام أمان للمنطقة، فالمصير واحد ومشترك أيضاً.
* *
أي أن زيارة الملك لا تصنف كأي زيارة تقليدية، ولا ينظر إليها بوصفها زيارة مجاملة من ملك لملك، وإنما هي زيارة عمل وتنسيق وتفاهمات على ما يعزز العلاقات الثنائية، بالبحث عن آفاق جديدة للتعاون سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وحيث ما كان هناك فرص للتعاون وحاجة إلى شيء من التنسيق.
يتبع