جاسر عبدالعزيز الجاسر
اختتمت قمة البحر الميت التي تتعارض مع الشق الآخر من الاسم الذي أطلقه عليها الصحفيون، فالقرارات التي أصدرها القادة قطعاً لن تكون (ميتة) كما اعتدنا سابقاً لقرارات القمم العربية. فهذه المرحلة التي نعيشها لا تتحمَّل تسويفاً ولا تأخيراً فيما يتخذ من توصيات القمة. حضرها وزاد من أهميتها قادة عرفوا بإقدامهم واتخاذهم مواقف حازمة وحاسمة، ومنهم الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي تعوِّل عليه الأمة العربية، وتأمل أن يطغى نهجه وأسلوبه على أفعال القادة العرب الآخرين، فالمرحلة التي تمر بها الأمة العربية والأخطار التي تتعرض لها الأقطار العربية تتطلب إقداما وحسما وحزما، وهو ما يميز أفعال الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبما أن قرارات قمة عمان التي تحمل الرقم ثمانية وعشرين في سجل القمم العربية قد أعلنت وعرفت وأن المواطنين العرب ينتظرون أن تجد التنفيذ والالتزام التام دون تخاذل أو تأثير من قبل الأنظمة والقوى الدولية والإقليمية التي أوصلت الدول العربية إلى الحالة الحرجة التي عليها.
المتابعون للقضايا العربية الذين كانت أبصارهم وعقولهم معلقة بالعاصمة الأردنية استبشروا خيراً فيما تم من لقاءات بين القادة العرب إذ لفت انتباههم عدد القادة العرب الذين استقبلهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقد وجدوا أن تلك الاستقبالات واللقاءات التي أجراها الملك سلمان بن عبدالعزيز مع القادة العرب تتجاوز اللقاءات البروتوكولية والمجاملات، إذ تميزت بعقد قمم ثنائية بدأت بقمة مهمة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وهي قمة كان لا بد منها لإزالة شوائب ما صنعته وسائل الإعلام المصرية التي يجب إفهامها بأن المصالح العربية العليا وبالذات مصلحة مصر العليا تتطلب انضباطاً وشعوراً بالمسؤولية لا نراه في كثير من المواقف التي جعلت الكثيرين يرون تباعداً في الموقفين السعودي والمصري، وهو غير صحيح البتة، بدليل حرارة اللقاء الذي تم في الأردن.
كما أن القمة السعودية العراقية كانت من القمم المهمة التي لا بد وأن تناولت البحث في إزالة الكثير من الشوائب التي أثرت على مسار العلاقات السعودية العراقية وأخرت التنسيق بين البلدين الذي حتى يستفيد منه أبناء البلدين ولا شك أن اللقاءات التي سبقت إصدار البيان الختامي لا بد وأنها أوجدت توافقاً وإجماعاً على ما صدر من قرارات وبالذات التي تشكل حائط صد أمام التدخلات الأجنبية التي تستثمر عادة الخلافات العربية التي تقلصت كثيراً في قمة عمان؛ استشعاراً للمرحلة الحرجة التي تعيشها الأمة العربية ولقدرة حكماء الأمة من قادة الحزم والحسم على التأثير بحجمهم النابع من حرصهم على أمتهم العربية.