خالد بن حمد المالك
هناك معطيات تاريخية كثيرة تعطي العلاقات السعودية الأردنية الكثير من التميّز، فلقواسم المشتركة بين البلدين التي تولّدت عن هذه المعطيات على امتداد التاريخ كثيرة ومتنوّعة، وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للمملكة الأردنية ولقاؤه بالملك الأردني عبدالله الثاني تأتي على خلفية هذا التاريخ، وفي سباق العمل المتواصل لجعل العلاقات في وضع متفرّد ورائد على مستوى العلاقات الدولية.
* *
وما دمنا بصدد الحديث عن زيارة الملك سلمان للأردن (في المقال الأخير عنها) فلا بد من الإشارة إلى ما صرَّح به وزير الخارجية الأستاذ عادل الجبير خلال افتتاحه لمبنى مقر السفارة السعودية في عمان، حيث أكّد على أن الملك سلمان والملك عبدالله الثاني بحثا الأوضاع في سوريا والعراق واليمن والقضية الفلسطينية، إلى جانب مواجهة الإرهاب، وتدخلات إيران في شؤون دول المنطقة العربية، فضلاً عن الجوانب السياسية والتجارية والاستثمارية والاقتصادية بين البلدين الشقيقين.
* *
الوزير ماجد القصبي من جانبه وصف العلاقة بين المملكتين بأنها تستمد قوتها من روابط الأخوة العربية والإسلامية، وأن العلاقات بين الشعبين الشقيقين على الصعيد الاجتماعي هي من أهم مصادر قوة واستمرارية هذه العلاقة، مضيفاً - وهو يتحدث بوصفه وزيراً للتجارة والاستثمار - أن التحديات التي يمر بها العالم اليوم على مختلف الأصعدة تتطلب من الجميع مضاعفة الجهود لمواصلة الانفتاح وتهيئة البيئة المواتية للاستفادة من متطلبات التوسع الذي تشهده الأسواق العالمية.
* *
الدكتور ماجد القصبي لفت النظر أيضاً إلى رؤية المملكة 2030 خلال اختتام أعمال الملتقى الاقتصادي السعودي الأردني، وقال إن الرؤية ركّزت على فتح مجالات أرحب للقطاع الخاص ليكون شريكاً مهماً بتسهيل أعماله وتشجيعه لينمو ويكون واحداً من أكبر اقتصاديات العالم، ويصبح محركاً للتوظيف، ومصدراً لتحقيق الازدهار للوطن والرفاه للجميع.
* *
الزيارة الملكية بنجاحاتها شخصها كذلك البيان المشترك الذي صدر عن الجانبين، وفيه التأكيد على الروابط الأخوية المتينة التي تجمع بين البلدين الشقيقين، والرغبة المشتركة بالدفع بها نحو آفاق أوسع، بما في ذلك استثمار الإمكانات الكبيرة، والفرص المتاحة لتعزيز التعاون القائم بينهما في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاستثمارية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية والثقافية والزراعية والعمل والنقل والإسكان والضيافة وغيرها.
* *
في البيان السعودي الأردني المشترك تمت الإشارة إلى أن الملك سلمان والملك عبدالله الثاني تبادلا وجهات النظر حول المسائل والقضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، وأن ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات ومذكرات تفاهم ستعزّز من الإطار المؤسسي القائم للعلاقات بين البلدين، ومن الواضح أن القضية الفلسطينية - وكما أشار البيان - كانت ضمن اهتمام القيادتين، وتأكيدهما على حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، واستناداً لحل الدولتين.
* *
ولم يخل البيان من قلق الجانبين الشديد إزاء تعاظم خطر التطرف والإرهاب وأعمال العنف، وما يشكله ذلك من تهديد للأمن والسلم في المنطقة وفي شتى أنحاء العالم، مؤكدين دعمهما للجهود الدولية لمحاربته، كون الإرهاب لا يستثني دولة أو شعباً، ويعبث بأمن الدول دون استثناء، وبشكل أصبح يتمدد وينتشر على امتداد دول العالم، بما يجعل القضاء على خطر التطرف والإرهاب وأعمال العنف يعتمد على وحدة دول العالم في مواقفها لمحاربته، والتزامها بدعم التحالف الإسلامي العسكري الذي تم تشكيله لمحاربة الإرهاب والتطرف.
* *
كما أكّد الجانبان في بيانهما على أهمية إيجاد حل سياسي ينهي مأساة الشعب السوري، ويحافظ على وحدة سوريا، ومؤسساتها وفقاً لبيان جنيف (1) وقرار مجلس الأمن رقم (2254). ومثل ذلك أكّدا على أهمية المحافظة على وحدة اليمن، وتحقيق أمنه واستقراره، ودعم حكومته الشرعية، وإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية، وفقاً للمبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم (2216) ذي الصلة.
* *
وهكذا يمكن القول بأن زيارة خادم الحرمين الشريفين ومباحثاته مع أخيه الملك عبدالله الثاني، قد عزّزت من التفاهمات القائمة، وزادت في تنسيق المواقف بينهما، وفتحت أبواباً جديدة نحو مزيد من التعاون، وأن المستقبل سوف يحمل الكثير من الفرص التي ستكون مدخلاً لشراكات جديدة بين الدولتين والشعبين الشقيقين.