لم أتفاجأ بهذا الفعل فـ»أبوعبدالله قول وفعل» حينما قام بشراء حلال صديقه المتوفى بالمزاد العلني عن طريق المحكمة العامة بطريف ومن ثم إعادته للورثة بعد انتهاء المزاد، هنا يكون النبل في الصداقة الصادقة النائية بذاتها عن شوائب الكدر، هنا تبين وتتضح جليةً معاني ومفردات «الصديق الصدوق» عندما «اعتزى الخوي لخويه» بمعاني مفرداتنا العامة ليس في محياه بل في مماته وفي حفظ ماله وحلاله لعياله ولأسرته وإن كانت بملايين الريالات، لا أحد يأتي ويقول هذا من قبيلته أو جماعته فوالله لا يفعل هذا الفعل سوى «الرجال الرجال» الذين عليهم المُعتمد.
فما حدث سيخلده التاريخ لهذا الرجل الذي عرفته عن قرب سيخلد التاريخ «علوم» الرجال و»سوالف» الرجال و»قصص وحكايا» الرجال الرِّجال.
«محمد شاهي» من الأعلام الباقية التي يفخر بها الجميع في طريف وفي الشمال قاطبة فله الفضل بعد الله مع آخرين على المنطقة الشمالية في عمليات التنقيب الأولى عن مادة الفوسفات في بدايات البحث والاستطلاع من خلال قيامه بتذليل الصعاب أمام المهندسين المختصين آنذاك، حيث كان مداوماً على مرافقة تلك الوفود التي تأتي من شركة التعدين لأخذ العينات وكان يُسهل لهم الأمور وقد جدَّ واجتهد معهم حتى اكتشاف هذا المخزون الهائل من الفوسفات الذي تبين للخبراء فيما بعد أنه أفضل أنواع الفوسفات المكتشفة في العالم إذ تفوق جودته الفوسفات الجنوب أفريقي المعروف دولياً.
سردت لكم هذه القصة لمعرفتي بهمته العالية في هذا الأمر خدمةً لمجتمعه وبلده، هذا فضلاً عن خدماته الجليلة فيما يختص بدوره في المياه وما قدمه لـِ»طريف» بهذا المجال وإن كان عمله كمقاول صيانة حينها، إلا أن الرجل كان يحرص أشد الحرص على توفير المياه لأبناء مدينته «طريف» في ظل شح وضعف الموارد وقلة الدعم.