الثقافة - محمد هليل الرويلي:
كيف نصوغ عقول أجيالنا الذين أضحى اسم (فيليب وألبير ولورا وهيلين) أشرف وأرق وأعذب من (زهير وحسان وسعاد وفاطمة)؟ حنانيكم يا مَن كنتم (أدبا وقيادة) بين المصلي والمجلي، فلماذا (اليوم) كل كاتب منكم أو أديب لا يتحدث إلا والهمُ يعتلج في صدره، والأسى يتلظى على وجهه يكاد ينثر دموع الخنساء على ردنه العريض وصخرُ مازال حيا؟ لماذا أيها (اللقمانيون) لا تبصرون في الأندية (نسوراً) تبقي فيكم ولكم الحياة!؟ هل الزراية الساخرة والتعريض الممض يبني هذه المؤسسات أو يهدمها؟.. هل تدركون أن لهذه المماحكات والكتابات والتجاذبات الشكلية على ضآلتها وهزالة ما يطرح فيها ثمنا ضحاياه عقول شبابنا وإراقة الثقافة والأدب..؟ لماذا أضحت أقلامكم تعاني من سعار الشهوة للكتابة عن الأندية نيلاً منها وانتقاصاً من شأنها وأحكاماً على من يعملون فيها؟ لماذا جارت أحكامكم (وأنتم الأمناء على الكلمة) فأضحيتم تكتبون عن أندية لا تعرفون ما يدور فيها لبعدكم عنها؟ هذه الرسالة الخالدة للأندية الأدبية وقبل ذلك للأدباء والمثقفين والإعلاميين وكل المهتمين بالحراك الأدبي في البلاد خطها ضيف الثقافية البرفسور عبدالله السلمي رئيس نادي جده الأدبي الثقافي علنا نجد حين نعيد قراءتها مرتين وعشرات المرات ونفك شيفرتها الملغزة.
الجمعية العربية للثقافة والفنون طلبت التمديد بحضور وجهاء جدة
كشف رئيس نادي جدة الأدبي البروفسور عبدالله بن عويقل السلمي أن ما أثير حول مبنى النادي القديم وانتفاع الجمعية العربية للثقافة والفنون منه أمر انتهى بطلب تمديد من الجمعية ممثلة بمديرها وأوضح السلمي أن الأمر انتهى إلى تقديم طلب تمديد من مدير فرع الجمعية مضمنا شكر النادي على الاستضافة وبحضور عدد من الوجهاء والمثقفين والأدباء ومرفق به اتفاق يحكم العلاقة بين الطرفين وينظم آلية الانتفاع المؤقتة، وقد تم عرض الطلب على مجلس الإدارة وأوصى بالأغلبية بالموافقة وسيتم عرضه على الجمعية العمومية لاعتماده أو رفضه؛ لأن النادي مؤسسة منتخبة تحكمها أنظمة وقوانين وإجراءات.. مؤكدًا في الوقت نفسه أنه على المستوى الشخصي تربطه بالأخوة في الجمعية علاقة احترام متبادل.
مراحل العمل ليست أرخبيل
وجزر متفرقة
وحول المشاريع المستقبلية للنادي وما يتعلق بتطوير آليات العمل وتجديد أنشطته وانفتاح النادي على الفنون المختلفة أوضح السلمي أنه فيما يتعلق بالمشاريع المستقبلية أنه من الذين لا يؤمنون بجعل مراحل العمل في المؤسسات حقبا تاريخية أو أرخبيلا من جزر متفرقة من العمل، فأنا ومجلس إدارتي بنينا على ما وجدنا وعززنا هذا البناء ببرامج تتطلبها المرحلة وأعدها من البرامج الفارقة في المشهد الثقافي، ومن أبرزها مشروع قنطرة وهو عبارة عن ترجمة الأعمال الأدبية الرائدة للأدباء السعوديين إلى اللغة الإسبانية بتعاون مع الملحقية الثقافية في إسبانيا، والآن الأدب السعودي باللغة الإسبانية عبر هذا البرنامج موجود في أمريكا اللاتينية، وكذلك مشروع (دراسات في أدب المملكة العربية السعودية) وصدر منه حتى الآن اثنا عشر كتاباً، والأمل أن يكون نادي جدة مرجعاً في هذا التخصص، لم نكن وحدنا كمجلس إدارة، بل كان ومعنا زملاء أعزاء وأخوة وأخوات أوفياء للمؤسسة وحرّاص عليها وعلى نجاحها سواء من أعضاء الجمعية العمومية أو ممن ليس من أعضائها؛ لأن النادي بيت للجميع ولقد حرصنا على أن تكون برامجنا تستجيب لرغبات الجميع وأن تكون خططنا التطويرية وفق متطلب المرحلة سواء على مستوى آليات العمل أو على مستوى المناشط أو حتى على مستوى الشرائح المستهدفة من المجتمع.
ومن الحكمة أن أي فريق عمل جديد إذا جاء في مكان ما، يُفترض فيه ألا ينسف الماضي، أو يتنكر له، أو يعمد إلى تجاهله أو تسفيهه، وعلى أي مجلس إدارة واع أن ينظر إلى المنجز السابق ويحترمه، فما يراه محتاجاً إلى بناء إضافي يضاف، وما يحتاج إلى تطوير. ونحن في مجلس الإدارة نتعامل مع منجز هذه المؤسسة، ونبني عليه، ونحاول جاهدين ترسيخ الفكر المؤسساتي، أكثر من ترسيخ الفكر الفردي. أمّا ما يتعلق بالفنون الأخرى فلا أخالني أتصور نادياً يحمل مفردتي الثقافة والأدب إلا وأبوابه مفتوحة لكل ما يندرج تحتهما ولا يتعارض مع مدلولهما.
ليست وظيفتي هدم المنجزات ولكن إضفاء مزيد من الألق عليها
وعن استمرارية وتطوير مطبوعات النادي شدد السلمي على ماقاله سابقاً وتابع: لم نأت لنهدم أو نزيل أو نزيح ولكن لنكمل البناء ونطور وبالتالي فالمجلات القائمة منذ أربعين عاماً مازالت تصدر ونحن في عامنا السادس كمجلس منتخب استمرينا في الإبقاء عليها مع تطويرها فحولنا «مجلة جذور» إلى مجلة محكمة وغيرنا المحتويات لبقية المجلات لتستجيب للمتغيرات الثقافي والإبداعية ومع ذلك ستخضع للنظر -كما كان الحال سابقاً- فما يراه المجلس مستجيباً للمرحلة صالحاً لها أبقيناه وما نراه قابلاً للتطوير طورناه وما نرى أن الزمن قد تجاوزه أو هناك بدائل خير منه غيرناه ولكن كل هذا لا يمكن أن يحدث لمجرد أنه كان موجوداً أو مجرد اللهث خلف مفردة التطوير غير الراشدة. فأنا ليست وظيفتي هدم المنجزات ولكن إضفاء مزيد من الألق والحضور لها وفق معطيات الواقع.
نسبة قراءة الفرد العربي مفزعة
وعن معاناة مجلس أدبي جدة من مشكلة توزيع دوريات النادي في العالم العربي عبر موزع يتولى توزيعها عربياً وخطط النادي لحل هذه المشكلة أكد السلمي أن هذه المعضلة تظل قائمة في كل الأندية فالتوزيع يحتاج إلى قارئ ونسبة قراءة الفرد العربي مفزعة جدا إذ تساوي أربعة أسطر في العام -كما قرأت- من هنا فكل الموزعين لا يظهرون حماسة تجاه توزيع هذه الدوريات ولكن الملف تسلمه أحد أعضاء مجلس الإدارة وسيقدم لنا دراسة وافية حوله وأخيراً تم توقيع عقد مع دار المنظومة يتم بموجبه نشر كل محتويات دوريات النادي كما تم الاتفاق مع دار الانتشار لتقوم بتوزيع المطبوعات الأخرى، ولدينا «استبانات» تبشر بخير حول نسبة مشتريات مطبوعات النادي في بلاد المغرب العربي واليمن ومصر.
موقع النادي وحسابه في «بتويتر» نشيط
كما أكد أن النادي خلال فترة رئاسته عمل على استثمار التقنية الحديثة من خلال نشاطه الثقافي وكسر آليات التلقي التقليدية في ظل وجود الأخوة أعضاء مجلس الإدارة الذي وصفهم بالطاقات الشابة التي تحسن وتتقن التعاطي مع التقنية الحديثة.. وقال السلمي: كلهم أظهروا لي طموحاً في استثمار هذا الجانب ويكفينا فخراً أن موقع النادي وحسابه في تويتر من أنشط الحسابات، وهناك منصة افتراضية ضمن مبادرة (كيف نكون قدوة؟) كما قمنا بنقل كل أنشطة النادي ومحاضراته وندواته إلى وسائط حديثة تجنبا لعوامل التعرية وحرصاً على الانتفاع منها. كما أصبحت بعض محاضراتنا وأمسيات وندوات النادي منقولة مباشرة على اليوتيوب، غير أن آليات التلقي التقليدية لا يمكن طمس معالمها أو الاستغناء عنها.
مجلسي ليس مقدساً ونحتاج للناصح الصادق والمسؤول الواعي
ونفى السلمي علمه بوجود مشكلة ناجمة عن تدخلات في قرارات مجلس الإدارة السابق من جهات أعلى سلطه نافيًا في الوقت نفسه أن يكون عمل مجلسه الحالي عملاً مقدسًا ممتدحًا دور الوزارة في إنجاز لائحة تعد مرجعًا يمكن العودة إلية وأضاف: لا أعرف عما سبق ولم أطلع على كثير من العوائق التي كانت تصادف الإدارة السابقة إلا شذرات مما نقله لي بعض الحرّاص، غير أن قناعتي أن لكل مرحلة ظروفها وإستراتيجيتها وهمومها ولكن في المرحلة الحالية أنجزت الوزارة لائحة تعد مرجعا يمكن العودة إليه وهي أحرص على تنفيذه ولا تسمح بالتدخل إلا بما يخدم مصلحة النادي وينسجم مع التوجهات والتوجيهات التي تحمل سمواً في الهدف والغاية، وعملنا ليس عملا مقدساً لا يأتيه الباطل ولكن نحتاج إلى الناصح الصادق والموجه الحريص والمسؤول الواعي لتكتمل أهداف النادي وتتحقق مراميه. وللحقيقة لا أطمح للاستقلالية الكلية في هذه المرحلة، أولاً لأن الجهات تتكامل في عملها وثانياً ثمة أمور تستدعي المظلة الرسمية. الفضل لله ثم لانسجام مجلس الإدارة ولنضج مثقفي جدة وأدبائها، فهم يحترمون المؤسسة وأدعهم شركاء في إدارة العمل الثقافي ولم أزايد على أحد منهم تجاه النادي.
لا أحب ثنائية (الرجل والمرأة)
وامتدح السلمي دور المرأة بعد دخولها لمجلس الإدارة ممارسة للنشاط الثقافي النسوي وأنها لم تقف عند ذلك فقط واصفًا بأنه لا يحب الزج بهذه الثنائية (الرجل والمرأة) لأننا والحديث للسلمي: عملنا في مجلس الإدارة مع زملائي وزميلاتي فريق عمل واحد نتشارك في اللجان ونتواصى على الإنجاز ونتواصل فيما يخدم النادي ويحقق النجاح، ومن حسن الحظ أن زميلاتي في المجلس أستاذات جامعيات لديهن من الوعي والثقة بالذات ما يبعد عنهن هاجس التهميش وتوهمات السلطة الذكورية التي بدأ بعض من غض عقله وخفت موازين الفكر عنده تكريسها.
التدخل لا يحدث بالأندية إلا حينما تستدعي ظروف المؤسسة ذلك
وعن تداعيات تدخل الوزارة في الأندية الأدبية وهل ستؤثر على عمل الأندية الأدبية قال السلمي: لقد كان لنادي جدة شرف أن يستضيف معالي وزير الثقافة والإعلام كأول نادي يلتقي فيه معاليه بالأدباء والمثقفين في حوار عفوي وودي وشفاف مؤكدًا أن التدخل لا يحدث إلا حينما تستدعي ظروف المؤسسة ذلك، ونحن لا نتذمر من التدخل الذي يقدم بصيغة التوجيه والنصح ومنطلقه الحرص على المنشأة والحفاظ على سمت الثقافة وقيمتها وتأثيرها، ونرحب بكل رأي فيه إعانة على النجاح وبخاصة من مسؤولي الوزارة، فنحن شركاء في نجاح هذه التجربة الفتية أو فشلها -لا سمح الله- والدكتور ووكيل الوزارة ومدير الأندية الأدبية التقيتهم في أكثر من مناسبة رسمية فألفيتهم يحملون هم المسؤول وهمة الراغب في التطوير الأندية الأدبية وقد تجلى ذلك في لقائنا بالدكتور عبدالرحمن العاصم في الأحساء وكذلك على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب.
وأشار السلمي إلى القبول والترحيب في كل مايخدم الثقافة والأدب في ظل التغيرات الثقافية التي طالت المشهد السعودي من بينها بعض الأندية وتعاطيها مع المسرح والسينما والموسيقى ومع التيارات الفكرية المتنوعة نافيًا أن يكون نادي جده يتعاطى مع كل ذلك ببطء أو بتحفظ شديد وقال: كل ما يخدم الأدب والثقافة ورسالة النادي سيجد الترحيب والقبول وكل ما يعارض أو يناقض رسالته فسينظر إليه بحسب ظروف الزمان والمكان.
آلية برسوم رمزية للاستفادة من مقر النادي
وحول ماتعانيه بعض الفرق الأهلية من عدم وجود مقرات لعمل البروفات المسرحية أكد السلمي أن النادي لديه قاعة جاهزة ويمكن الإفادة منها في ضوء آليات تنظيمية معينة بحيث لا تتعارض مناشط الجهات المستفيدة مع مناشط النادي والزملاء في مجلس الإدارة وضعوا آليات عمل ورسوم رمزية تعيين النادي على التكاليف المترتبة على استعمال مرافقه. وبالمناسبة أتمنى من الجهات المعنية إذا وردها طلب بهذا الخصوص أن تطلب الرأي من النادي وبناء على ما يردها من النادي يتم اعتماد مكان وزمان الفعالية.
سعد السريحي ولمياء باعشن
وألمح السلمي إلى أن بعض الأندية أضاعت بوصلتها وفقد المثقف ثقة بها وتابع: دعني أتحدث عن نادي جدة فنحن في المجلس المنتخب بعد مرور خمس سنوات مازلنا نسير وفق رؤية ولدينا رسالة ولنا أهداف وغايات وعندنا آليات لتحقيق أهدافنا، وفي تصوري أننا استطعنا أن نقدم ما يرضي وليس ما يطمح إليه المثقفون أو ما نطمح إليه نحن ولقد تبين لي ثبات الحقيقة التي أشهد بها للتأريخ أن مثقفي جدة أوفياء للثقافة ولمنبرها ناديهم الأدبي الثقافي وقد تجلى هذا من الدكتور سعيد السريحي والدكتورة لمياء باعشن وغيرهما حينما حاول البعض النيل من النادي ومكتسباته، ومن هنا فأنا مع أدباء جدة لا أحمل عناء أو هما في جذبهم للنادي فهو لهم وبهم ومعهم بكل إمكاناته ولن يفقد بوصلته أما المثقف فالجاذب له المادة الثقافية التي تستجيب لتطلعاته.
لا يوجد خلاف بيني وبين عبدالمحسن القحطاني
ونفى السلمي وجود خلاف بينه وبين الدكتور عبد المحسن القحطاني مشيرًا إلى أن ماحدث لا يتعدى كونه اختلافاً في الآراء والأفكار وقال: لا أعرف أن بيني وبين زميلي وأخي الأكبر عبدالمحسن خلافاً، فنحن رسل علم وقدوات لطلابنا وكلهم يعرفون حقيقة العلاقة بيننا، كنت رئيساً للقسم وهو عضو فيه وترأس النادي وأنا عضو في جمعيته واليوم هو عضو جمعية عمومية وما زال متواصلاً مع النادي ويحضر بعض فعالياته. وأما الاختلاف في الآراء والأفكار فهو سنن البشر فهم ليسوا نتاج مصنع متساوين في رؤاهم وأفكارهم وهذا أمر إيجابي لأن تعدد الآراء مظنة اختيار الأصلح والأصوب.
قرار ترشحي يحتاج المراجعة والنظر
وعن نية ترشحه لمجلس الإدارة القادم قال السلمي: الأمر يستدعي قدراً من المراجعة والنظر لمنجز خمس سنوات؛ لأعرف ماذا قدمت؟ وهل لدي ما يمكن أن أقدمه ويشكل إضافة؟ وهل أحظى بقبول من الجمعية العمومية يساعدني في المرحلة المقبلة؟ وفي ضوء الإجابات على هذه التساؤلات أتخذ القرار المناسب.
وتناول السلمي المنجزات التي يفخر بها مجلسه وهي ثقة أدباء جدة في شخصه وعلاقته الحميمية معهم, وما وجده من احترام متبادل بينه وبينهم، واصفًا منجزات النادي بأنها ليست لعبد الله السلمي ولكنها لمجلس فيه عشرة أعضاء وجمعية تقارب مئتي عضو ومؤسسة وجدت قبله بأربعين عاما وستستمر بعده.
نبرات العقوق المنفرة تحرض أخذ السفينة الأدبية غصباً..!
أخيرا وجه عبد الله السلمي رسالة عبر «الثقافية» لمنتقدي الأندية الأدبية ومتهميها بالخمول أو الشللية أو التحزب القبلي أو الفكري قال فيها: كثرت التجاذبات حول الأندية الأدبية التي باتت تنتشر في أرجاء بلادنا الغالية، وهي مؤسسات منها العتيق الذي كشجرة ثابتة الأصل، فينانة الأفرع، ريا الأماليد، ومنها العريق الذي واكب حركة النهضة ورسم مع غيره مسارات الوعي الثقافي في المجتمع وأضاء معالم الطريق لمن كان يهوى الأدب والثقافة والفكر بحماسة دفاقة وحيوية أفاقة، ولقد كان يقوم عليها رجال يحملون ذهنا لا يكل، ولسانا لا يفتر، وطموحاً لا يتقاصر، وقلقا لا يسكن، وعلينا أن نستحضر العواد وأبا مدين وابن أدريس والحميد وابن خميس والعبيد وغيرهم من الرموز، ومنها الجديد الذي تتراقص في أفيائه عرائس المنى والآمال بتقديم خدمة للوطن وتهيئة منبر لصهيل الكلمات.. لكن الأندية الأدبية (جديدها وقديمها) تصفعها (صباح مساء) نبرات عقوق من نفر تهيأت لهم فرصة البعث والتجديد، ولكن بدلاً فبدلاً من أن يأخذوا بها لتواصل المسير بمعطيات عصرية وإمكانات مادية ودوافع معنوية جعلوها تصارع وتدافع عن نفسها م من تمترسوا خلف جدر التعالي على هذه الكيانات، فباتوا (غَيرَة أو غارة) يرشقوها من علياء أبراجهم بسهام أقلامهم، يتجاذبون حول (مادة) في لوائحها، وخطأ في مرشحها، وزلة للتنفيذيين في مجالس إداراتها، الذين همهم وهمتهم محصورة في تهيئة المكان ومقصورة في اختيار الزمان لأولئك المثقفين الذين يحسبونهم من الخلص (لأن الأندية كانت لحنهم العذب زمنا) إن فئة قليلة تسللت فسلت للثقافة أقلامها مناجل هدم يطفئون كل ومضة من نشاط جاد ويغطشون كل ليلة مقمرة بفعالية نافعة.. ومازلت لا أدري هل سيغتبطون ساعة أن تغلق هذه الأندية؟.. هل سيسرون حينما يسمعون حشرجتها بين غصة الموت وشهقة الروح؟.. هل يتوقعون أن يكون لمجتمعنا حضور مستقبلي في تضاريس الثقافة والمعرفة دون أن تكون لدينا كيانات نبنيها بسد الخلة وإتمام النقص وشحذ الهمم وتقوية العزائم؟ كيف نصوغ عقول أجيالنا الذين أضحى اسم (فيليب وألبير ولورا وهيلين) أشرف وأرق وأعذب من (زهير وحسان وسعاد وفاطمة)؟ إنني عبر صحيفتكم الغراء أقول: حنانيكم يا مَن كنتم (أدبا وقيادة) بين المصلي والمجلي، فلماذا (اليوم) كل كاتب منكم أو أديب لا يتحدث إلا والهمُ يعتلج في صدره، والأسى يتلظى على وجهه يكاد ينثر دموع الخنساء على ردنه الريض وصخرُ مازال حياً؟.. لماذا أيها (اللقمانيون) لا تبصرون في الأندية (نسوراً) تبقي فيكم ولكم الحياة!؟ هل الزراية الساخرة والتعريض الممض يبني هذه المؤسسات أو يهدمها؟ هل تدركون أن لهذه المماحكات والكتابات والتجاذبات الشكلية على ضآلتها وهزالة ما يطرح فيها ثمنا ضحاياه عقول شبابنا وإراقة الثقافة والأدب..؟ لماذا أضحت أقلامكم تعاني من سعار الشهوة للكتابة عن الأندية نيلا منها وانتقاصا من شأنها وأحكاماً على من يعملون فيها؟ لماذا جارت أحكامكم ( وأنتم الأمناء على الكلمة)؛ فأضحيتم تكتبون عن أندية لا تعرفون ما يدور فيها لبعدكم عنها؟ لماذا تبنون مقالاتكم وأحكامكم (وأنتم الأمناء) على خبر مختزل اصطاده صحفي ماهر لم تسعفه مساحة الانتخاب الحر ليدخل قصر الثقافة المشيد (حسب رأيه)!!؟ حنانيكم فرسان الحرف! أرجو ألا تساعدوا على جعل العزائم واهنة والدعائم واهية بسبب ملاحظتكم العابرة على مادة من مواد لائحة الأندية فالمؤسسة تبقى وتدوم واللوائح تتغير وتتطور والهمل يشهد به التأريخ معكم أو عليكم.