لم تكن رواية (في غرفة العنكبوت) لمحمد عبدالنبي أن تترشح للقائمة القصيرة في جائزة البوكر 2017 لولا أنها خرقت تابو المثلية الجنسية؛ وحاولت أن تعيش مع المثليين لتسرد من حياتهم قمع السلطة الذي حكته الرواية؛ فالسرد والحبكة الفنية عمومًا لم تكن المؤهل الأول لترشحها إلى البوكر؛ غير أن تكسير رهبة الموضوع جعل منها منافسًا في القائمة القصيرة.
وربما يكون هذا الترشيح امتدادً لفوز الفيلمين (Moonlight) في 2017، (Spotlight) في 2016 في جائزة الأوسكار العالمية؛ إذ إنهما اهتما كثيرًا بالمثلية الجنسية؛ وأضحت أحداثًا مهمة يقوم عليها هذان الفيلمان.
من الممكن جدًا أن نعتبر الرواية هي الجنس الأدبي الأكثر أهمية في حني أو خلع التابوهات المحرمة في حياة البشر؛ وهذا هو الأساس الذي جعلها مرفوضة من الكنيسة منذ نشأتها؛ وجعلها جنسًا ثانويًا في مقابلة الشعر؛ فلم تكن الرواية إلا تسلية ودونية في إحدى مراحلها مع البشر؛ قبل أن تكون هي الجنس الأكثر فسحةً للخوض فيما يهم الإنسان في عصره وأفكاره.
ولعل الجانب الفكري والفلسفي في الرواية هو الذي يحفز لقراءتها أكثر من الناحية الفنية؛ فلا ضير أن تأخذ الرواية شهرة حضورها في العمل الروائي على ضعف شديد في تقنيتها الروائية؛ بيْد أنها اعتمدت على الجانب الفكري في طرحها ومخالفة السائد مما يعتقده البشر؛ بدءًا برواية (شيفرة دافنشي) التي نقدت الكنيسة من داخلها إلى رواية (بنات الرياض) التي جعلت من تابو المرأة ثيمة لها.
وبما أن هذا المنحى الفكري هو الذي فجّر الاهتمام بالرواية لأنها تحكي وتسرد حياة الإنسان فإننا نهوى الرواية التي تجعلنا نناقش أفكارنا ونحن نقرؤها؛ فهي تماماً كرواية (الشيخ والبحر) لهمنجواي حينما يجعلك تفكر في كل الأطراف الإنسانية لأجل الحياة؛ وذلك الموت البطيء المتدرج الذي تعانيه تلك السمكة حتى لم يبقَ منها شيء في نهاية المطاف.
وقد تكون الرواية العجائبية هي الأكثر إثارة لتفكيرنا حينما تمزج بين الواقعي والخيالي لتحث فكر البشر نحو التجديد في حياتهم الآنية والمستقبلية.
- صالح بن سالم
@_ssaleh_