د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
تمهيد :
للشأن الثقافي مؤسساته المعنيةُ بتسييره وتطويره؛ سواءٌ أكانت مؤسساتٍ رسميةً أم أهليةً أم خاصة، ولا تستطيع جهةٌ الانفراد به أو الهيمنة عليه فيما عدا ما يحكمه إطارها التنظيمي أو تتحكم به تشريعاتها الملزمة، وإذا كانت وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية هي المرجع الاعتباري المسؤول فإنها لا تحول دون قيام مؤسسات أخرى ذات ارتباط إداري مختلف بإضافات ثقافية ضمن نطاق أعمالها الرسمية والتطوعية.
وهذه الورقة ستعنى بتقديم تجربة ثقافية تجاوز عمرها عشرة أعوام قدمت خلالها خمسة مهرجانات ثقافية كبيرة على مستوى الوطن بالرغم من انضواء المركز الذي ينظمها تحت مظلة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بعدما كانت تابعةً لوزارة الإعلام بدءًا ثم وزارة الثقافة والإعلام فوزارة الشؤون الاجتماعية، وتبدل اسمه من : ( مركز ابن صالح الثقافي ) إلى ( مركز ابن صالح الاجتماعي ) وظل أحدَ مكونات الجمعية الخيرية الصالحية في عنيزة التي تضمُّ إلى جانبه مركز الأميرة نورة بنت عبدالرحمن ومركز الشيخ عبدالرحمن السعدي للبحوث وسواهما.
فكرة المهرجان :
نبعت فكرة المهرجان الثقافي من مقترح فردي تقدم به صاحب الورقة إلى كل من محافظ عنيزة وأمين الجمعية الخيرية الصالحية تمت إثره اجتماعات مكثفة تقرر على ضوئها تنظيم مهرجان كل عامين يحمل اسم : ( مهرجان عنيزة الثقافي ) برعاية وحضور أمير منطقة القصيم ومشاركة أسماءٍ أكاديمية وثقافية بارزة في مجالات الفكر والأدب والإبداع تمثل أطيافها المتنوعة.
وجرى الاتفاق على أن تشتمل فعاليات المهرجان على برنامجين منبريين «رجالي ونسوي» وتكريم شخصيات ذات جهود مميزة إضافة إلى ورش عملية وحلقات تطبيقية بحيث يستمر خمسة أيام متزامنة بين الفرعين الرجالي والنسوي أو متتابعة مع نقل الفعاليات عبر الشبكة المغلقة والوسائط الرقمية.
مكونات المهرجان
يجيء التكريم مكونًا رئيسًا للمهرجان، وقد جاء تكريم الأستاذ عبدالكريم الجهيمان في مركز ابن صالح الثقافي - الاجتماعي إرهاصًا تقدَّم مشروعات التكريم حيث سبق قيامَ المهرجان ونجح من حيث تقدمه لكل برامج تكريم الجهيمان سواء في مدينته شقراء أو عبر مهرجان الجنادرية، ولذا اعتنى مهرجان عنيزة عند إنشائه بتكريم الرموز الثقافية الوطنية سواء أكانوا من عنيزة أم من خارجها، وتفصيل بيان المكرمين موجود في الملاحق المرفقة.
كما أن الندوات والمحاضرات والأمسيات وورش العمل مكون ثانٍ استضاف أبرز الأسماء المحلية وبعض العربية، ولذا اهتم منظمو المهرجان بدعوة المشاركين والحاضرين من جميع أنحاء الوطن ومن كل أطيافه، وعانى في ذلك صعوباتٍ خلال المهرجانات الأولى، وهو ما دعاه إلى أن يهدئ من اندفاعه؛ فلم يكن المجتمع مهيأً لقبول بعض الوجوه والملامح، ولا شك أن هذا أسهم في تحول المهرجان من تنويري جريء إلى نمطي هادئ، متزامنًا مع قلة الإقبال على الأنشطة المنبرية، وهو ما دعا المنظمين للحديث عن تغيير شكلي وموضوعي في المهرجان السادس المقرر عقده عام 1439هـ- 2018م
المهرجان : دورات ومدارات
ينظم فرعا الجمعية (مركز صالح بن صالح الاجتماعي، ومركز الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل الاجتماعي) مهرجان عنيزة الثقافي كل عامين برعاية وحضور سمو أمير منطقة القصيم.
فانطلق مهرجان عنيزة الأول للثقافة عام 1428هـ، وبعدها توالى تنظيم المهرجان حتى نُظم المهرجان في نسخته الخامسة عام 1437هـ.
وقد شارك في تلك المهرجانات مئات المفكرين والعلماء وحضرها الآلاف من المهتمين بالشأن الثقافي من داخل المملكة وخارجها، والجدول الأول في ملاحق هذه الورقة يلخص إنجازات المهرجانات الخمسة.
أهداف المهرجان:
* التواصل الثقافي مع المجتمع بما يُكمل مسيرة السياحة الممتدة طوال العام في مدينة عنيزة.
* تأصيل المعطيات الثقافية المتجددة في بناء الأمة وتراثها وثوابتها و زيادة التفاعل الثقافي بين شرائح المجتمع المختلفة.
* إبراز دور مدينة عنيزة الحضاري والثقافي.
* رعاية وتنمية المواهب الأدبية والفنية وتلبية احتياجات المجتمع من البرامج الاجتماعية والثقافية.
* بيان إحصائي بالفعاليات التي أقيمت خلال المهرجانات الخمسة خلال الفترة (1428-1437هـ).
الخاتمة:
تبدو السيمياءُ الثقافيةُ عنوانَ مدينة عنيزة التي أنشأت قبل أكثر من ستين عامًا ناديًا أدبيًا أهليًا، وقد وثق أستاذنا الراحل عبدالله الجلهم- رحمه الله - بعضّ أوراق النادي وأسماءِ مشاركيه، وظلت لنا - الجيل اللاحق للرواد ومن بعدنا - منابر ثقافية في مدارس التعليم العام والأندية والمراكز الصيفية لم يخدمها التوثيق بعد، وعلى مدى عقود استقطبت عنيزة متنوع الأسماء من شرق الوطن وغربه ووسطه وخارجه محاضرين ومنتدين، وجاء هذا المهرجان لتأصيل مفهوم المدينة الثقافية.
الزمنُ غير الزمن والناسُ غير الناس والحضور العام للأنشطة المنبرية هنا وهناك على غير ما نروم أو يرام، ولتعدد وسائط الاتصالات وتيسر نقلها للمعلومات والمناسبات كما لعشق الاسترخاء وإغراء الاستراحات دور دون ريب، وقد نقترح على الأصدقاء في المركز التفكير في تغيير آليات تنفيذ المهرجان مستقبلًا كما هو طبع التطور وحتمية التطوير.
... ... ...
ورقة عمل مقدمة لملتقى دارين الثقافي عن المؤسسات الثقافية الأهلية والخاصة المنجز وآفاق المستقبل 27-29-6-1438 هـ 26-28-3-2017م