د.ثريا العريض
أكتب آخر يوم من مارس لتقرؤوه اليوم الثاني من أبريل.. وبين هذا التاريخ وذاك أتوجس مما يحمله لنا الأول من أبريل. حمانا الله من مفاجآته المنحرفة.
مثلما ارتبط يوم 14 فبراير بعيد الحب وتبادل هدايا تعبر عن مشاعر التقدير لمن نحب، ارتبط يوم الأول من أبريل بممارسة أمست عالمية وهي الكذب واختلاق تفاصيل أخبار غرائبية مضحكة أو مرعبة تستثير انفعال السامع الغافل فيتفاعل معها خوفًا أو غضبًا.
المشكلة الأعوص أننا في عصر التقنية الحديثة دخلنا في دوامات اختلاق الأخبار ليس في يوم متفق عليه، نعرفه ونستعد له بعدم التصديق العفوي، بل في كل ساعة وكل يوم. أصبحنا معرضون لمعلومات مختلقة مكتملة بفضل التقنيات الحديثة بإثباتات مفبركة تحتاج إلى تمحيص وتفحص وشهادة خبير في فنون الفوتوشوب لكي نتأكَّد من صحة أي خبر يصلنا.
خلال 24 ساعة يصلنا بالواتساب وتويتر مئات الأخبار المفبركة المقصود بها إثارة الفوضى الإعلامية وإفقاد المتلقين الثقة في صحة ما يصلهم. ومع كل خبر لتعيين أو إقالة أو مقتل أو اتفاق أو تكريم أو تجريم، ينتشر كالنار في الهشيم ويثير الكثير من اللغط ويفضح غوغائية ردود الفعل وقسوة التعليقات، قبل أن يأتي النفى من جهة معنية موثوق بها كأهل القتيل أو وكالة أنباء رسمية. وغالبًا يتخير مزور الخبر ضحاياه المستهدفين بعناية، لضمان اهتمام المتلقين وسرعة انتشار التفاصيل المكذوبة وأحداثها للتأثير المطلوب.
خلال الأسابيع الماضية تداولت وسائل التواصل عشرات من هذه الفبركات الإجرامية القصد استهدفت بالذات رموزًا عربية وخليجية محترمة لتلوث سمعتها وتؤطرها في مواقف سلبية إن لم يكن مقرفة. وفي أجواء التوتر السياسي والعسكري والتغيرات المجتمعية الواضحة التي أزعجت الرافضين لها وأثارت حفيظة الساخطين، لم يسلم من هذه الفبركات أحد، من أعلى قمم القيادات إلى الوزراء إلى المسؤولين.
في تويتر، الذي أصبح مصدرًا لاستقاء الأخبار والمستجدات للغالبية العظمى من شباب العالم وحتى كهوله، هناك ما لا يقل عن 90.000 موقع مشبوه لإطلاق الشائعات ضد دول الخليج بالذات، معظمها تصدر من خارج المنطقة العربية.. هي حرب إلكترونية عدائية تلبس أقنعة المحلية وحتى شماغ المواطنة لإشعال الفتن بالكذب والتحريض وتشويه الرموز وصناع القرار.
ليس بالإمكان إيقافها كلها فهي تتوالد كالفطريات مستغلة هذه الوسيلة الإعلامية الجبارة. وعلى الرغم من التحذيرات المستمرة والتنبيه وحملات التوعية الرسمية والتذكير غير الرسمي بألا يصدق المتلقون أي خبر مستجد، إلا إذا نقلته وكالات الأنباء المعتمدة رسميًا. حتى لو جاء بصيغة تسجيل مرئي على أوراق رسمية المظهر، أو يدعى أنه مسجل على لسان مصدر ثقة.