د. عبدالواحد الحميد
إذا تحقق وعد وزير التعليم بتحويل جميع مدارس المملكة إلى بيئة رقمية تفاعلية خلال ثلاث سنوات فسوف يكون ذلك إنجازاً كبيراً في مسيرة تطوير التعليم.
يقول الوزير إن وزارة التعليم سوف تتوقف عن طباعة الكتب والمقررات الورقية والاستعاضة عنها بالمناهج الرقمية وذلك خلال ثلاث سنوات وستبدأ بتطبيق التحول الرقمي في المدارس على 150 مدرسة منتصف العام الدراسي المقبل، وفي العام الذي يليه 1500 مدرسة، وبعد ذلك تتحول المدارس في المملكة إلى بيئة رقمية تفاعلية.
جميع البلدان المتقدمة بدأت تُحوِّل مدارسها من بيئة تقليدية مكبلة إلى بيئة رقمية حيوية تفاعلية ليس لمجرد الانسياق خلف المنتجات التقنية وإنما لأنها تحرر الطالب من القيود والجمود وتجعله متفاعلاً مع العملية التعليمية بدل أن يكون مجرد متلقٍ لما يُلقى عليه من المعلم.
نحن نحتاج إلى إشراك الطالب في العملية التعليمية وإطلاق مَلَكاته، وتحريضه على التفكير، وتشجيع مبادراته، وهذا ما لم يكن من الممكن تحقيقية بشكل جيد في بيئة تعليمية تقليدية. أما البيئة الرقمية التفاعلية، بما توفره من إمكانات، فمن الممكن أن تكون أداة جيدة للمساعدة في تحقيق ذلك بشرط تطوير الوزارة لنظرتها تجاه العملية التعليمية ليس بالأقوال فقط وإنما بالأفعال وباجتراح المبادرات الشجاعة التي تحدث عنها الوزير العيسى في كتابيه الاثنين ومقالاته العديدة التي قرأناها قبل تعيينه وزيراً للتعليم.
يقتضي الأمر، بالطبع، تحرك الوزارة سريعاً في تطوير محتوى المقررات المدرسية وفي توفير القوى البشرية المسلحة بالمعرفة في التعامل مع هذه البيئة الرقمية التي وعد الوزير بتوفيرها بعد ثلاث سنوات. والأهم من ذلك، هو اقتناع القائمين على أمور التعليم وفي مقدمتهم المعلمين والمعلمات بأهمية تطوير التعليم وتحديثه وإخراجه من الأساليب التقليدية إلى الأساليب الحديثة التي استطاعت الدول التي طبقتها تحقيق قفزات هائلة في التقدم. كما يقتضي الأمر توفير الإمكانات الفنية والتجهيزية اللازمة بحيث لا تُحرم بعض القرى والأقاليم الطرفية البعيدة من التطوير الموعود فتتسع الفجوة التنموية بينها وبين بقية الأماكن في المملكة.
أما المكسب المباشر والفوري من التحول إلى بيئة رقمية غير ورقية فهو إنهاء معاملة أطفالنا الصغار من حمل الحقائب الثقيلة التي قصمت ظهورهم وأثقلت كواهلهم.
خطوة موفقة، وبانتظار انطلاق مبادرة الانتقال إلى بيئة مدرسية رقمية.