ناصر الصِرامي
خالد مسعود، منفِّذ هجوم وستمنستر الذي راح ضحيته أربعة أشخاص، وأُصيب العشرات، كان يتواصل عبر تطبيق الرسائل الإلكترونية واتساب قبل تنفيذ الهجوم بدقيقتين؛ مما جعل وزراء بريطانيين يؤكدون أن على شركات التواصل الاجتماعي أن تبذل مزيدًا من الجهود الفعلية للمساعدة في مكافحة التطرف والإرهاب.
من الواضح أنه بعد كل هجوم يشتعل الجدل مجددًا أن الإنترنت تلعب دورًا مقلقًا لإثارة العنف، ونشر الأيديولوجيات المتطرفة والشيطانية.
الشرطة البريطانية تدعو اليوم شركات التواصل الاجتماعي والشركات المشغلة لتطبيقات التواصل الخاصة بغوغل، وتويتر، وفيسبوك وغيرها في العالم إلى التعاون والمساعدة.
كما تدعو أيضًا منصات التواصل الاجتماعي الأصغر حجمًا مثل تليغراف، ووردبرس، وجاستبايست.
بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني، هاجم شركات الإنترنت الكبرى بسبب ما سماه «الإخفاق المثير للاشمئزاز» في حذف المحتوى الذي ينطوي على أفكار متطرفة.
الأسبوع الماضي أكد بحث جديد أن الغرب، بما فيه المملكة المتحدة، يخسرون بالفعل معركتهم ضد «التطرف» على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت. ويوضح البحث الذي أعده «مركز الأبحاث الدينية والجيوسياسية» أن حجم المحتوى «المتطرف» على محركات البحث في الإنترنت يتسع ويتزايد، ويصبح أكثر سيطرة عما قبل.
ويشير البحث إلى أن المحتوى الذي تبثه الحكومة البريطانية، وتعتبره «معاديًا للتطرف» لا يمثل إلا نحو 5 %!
وبحسب الدراسة، تضمنت المواد المنشورة أمورًا، منها الدعوة لسقوط الأنظمة والمجتمعات الديمقراطية، وبناء ما يسمى «دولة الخلافة» و»إقامة الشريعة» - حسب توجهات المتطرفين -، ثم في مرحلة تالية تقود نتائج البحث القارئ إلى أمور أكثر تطرفًا، مثل الدعوات إلى قتل الكافرين وغير المسلمين.
وتكشف الدراسة أن هناك ما يقرب من نصف مليون عملية بحث عالميًّا على محرك غوغل عن محتوى «متطرف» كل شهر، وذلك في وقت إجراء البحث (مايو/ آيار 2016).
كما توضح الدراسة أن هناك نحو 56 ألف عملية بحث في بريطانيا شهريًّا على محركات البحث باستخدام كلمات تقود إلى محتوى «متطرف».
وتخلص الدراسة إلى أن الإنسان لا يتحول إلى «متطرف» على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، بل قد يتشكل وعيه الجديد خلال عمليات البحث على شبكة الإنترنت قبل أن يتجه لمواقع التواصل الاجتماعي لاحقًا.
وتقوم وحدة مشتركة بين قوة الشرطة «متروبوليتان» ووزارة الداخلية البريطانية بإزالة نحو 2000 منشور من المحتوى «المتطرف» على الإنترنت أسبوعيًّا، بما يعني أنها أزالت ما يقرب من ربع مليون مادة مشابهة منذ 2010.
هذا في بريطانيا وحدها بكل ما تملكه من تقنيات وإمكانيات رصد أمني، لكن لك أن ترى الصورة بشكل أكثر سوءًا في المحتوى العربي، وكذلك المحتوى باللغة الفرنسية.
رسائل التطرف والدعوة للعنف غالبًا ما تبدأ بنصائح متطرفة في الفكر، ولكن مغلفة بأسلوب ناعم وخبيث في البداية، أو عبر أسماء قد تكون معروفة، لكنها (النصائح) أيضًا تأخذ في التطور درجات في الشر إلى أن تصل إلى الدعوات المباشرة لقتل الآخر.. وتصفيته.
ومن المحتوي المتطرف والمتفاعلين معه يصطاد تجار الموت ضحاياهم؛ لينتقلوا بالحوار معهم عبر الشبكات والتطبيقات المغلفة؛ لتبدأ عملية غسل دماغ باسم الإسلام والخلافة وجملة من الأوهام، ومن ثم تحويل إنسان ربما يبدو عاديًّا أو معزولاً أو مكتئبًا أو حاقدًا على الحياة إلى إرهابي، قاتل..!