عروبة المنيف
دعابة أو نكتة تم تداولها في الواتس أب «أكثر الوسائط الاجتماعية انتشاراً» في الوقت الحالي، تقول الدعابة إن سعودياً متزوجاً من أربع زوجات يقول لصديقه: أنا إذا رجعت من الدوام أذهب إلى زوجتي المغربية مليكة، أتغدى عندها وأنام الظهر، وبعد ذلك أذهب إلى المصرية أتقهوى وأفرفش عندها العصر.. وإذا جاء الليل أذهب للبنانية نانسي أنام عندها الليل كله. فقال له صديقه، وزوجتك السعودية؟ قال هاذي الغالية أنا مخصص لها رمضان كله من آذان الفجر إلى آذان المغرب، أفطر عندها وأمشي، هي الوحيدة اللي تضبط اللقيمات!!
تلك الرسالة الملتوية والمندسة، ليست الأولى وربما لن تكون الأخيرة التي يتم تداولها بهدف تشويه الصورة الذهنية المرتبطة بالزوجة السعودية سواء فيما يتعلق بجمالها أو دلالها أو كمالها، عند مقارنتها بنساء عربيات أخريات، ناهيك عن النوايا المبطنة الضمنية لتلك الدعابة في تشويه صورة الزوج السعودي أيضاً وبأنه مزواج وغير عادل!
تلك الأساليب معروفة ومألوفة من قبل الإعلام الرخيص بهدف إيصال صورة ذهنية عن أشخاص أو أشياء، فالصورة الذهنية لبعض الجنسيات العربية» كالسوداني والحمصي والصعيدي» على سبيل المثال، طبعت في الأذهان صفات سلبية لهم لمجرد ذكر تلك الجنسية أو المنطقة ما يؤكد سوء النوايا ودور النكتة والدعابة المتداولة بواسطة وسائل الإعلام في ترسيخ تلك الصور عن أشخاص أو جنسيات معينة.
إن مصطلح «الصورة الذهنية» أو «الستيريوتايب» كان قد تم تداوله أول مرة في كتاب للصحفي الأمريكي والتر ليبمان، وعنوانه «الرأي العام» وذلك في عام 1922، ويقصد بالصورة الذهنية بأنها الانطباع الذي يخلد في الذهن أو التصور العقلي عن شخص أو شيء ما، حيث يمر هذا التصور «كفلاش» أثناء سماع ذلك الاسم أو الشيء، وتعطي تلك الصورة الذهنية انطباعات مختلفة للمتلقي تؤثر في قراراته تجاه تلك الأشياء أو الأشخاص. إن وسائل التواصل الاجتماعي في العصر الحالي تعد كالنافذة التي نطل منها على أحداث العالم سواء كانت محلية أو عالمية، فهي امتداد لأسماعنا وأبصارنا وبالتالي لوعينا، فقد أكدت العديد من الدراسات على أن وسائل الإعلام تعتبر من أهم القنوات التي تساهم في تشكيل الصور الذهنية لدى العامة وبالتالي لها تأثير كبير في تشكيل وعيهم بسبب انتشارها الواسع وتسهيلها للمعلومة وعرضها بطريقة مشوقة بحيث يسهل استيعابها، وتساهم النكتة المتداولة في تلك الوسائل بشكل كبير في تشكيل وصناعة الوعي والسلوك الإنساني لما تحويه من حس الدعابة والمرح والسخرية وهذا ما تسعى وتهدف إليه المؤسسات الإعلامية الموجهة والصانعة للرأي العام.
إن السيل الهادر من المعلومات الذي ينهال علينا وتفيض به أجهزتنا المحمولة، لا نستطيع إيقاف تدفقه، ولكن نستطيع التدقيق والتمحيص والتفكير والاختيار لما يخدمنا ويخدم مصالحنا ويحفظ صورتنا من التشويه والتأويل، يتطلب ذلك منا أن نكون أكثر وعياً وإدراكاً وتمييزاً في التعامل مع تلك الرسائل ورفضها وحذفها مباشرة من صندوق الوارد ما يضمن وأدها في مهدها.