سعد بن عبدالقادر القويعي
المسلمون البريطانيون، والذين يصل عددهم إلى 3 ملايين نسمة، ويشكلون نحو 4 % من السكان، هم الخاسر الأول من أحداث لندن الأخيرة، والذي سيقود إلى التضييق على مسلمي أوربا - عموما -، والتأثير على أوضاع اللاجئين القادمين من مناطق النزاع في الشرق الأوسط؛ ولأن الحادث الإجرامي متشابك للغاية، ولا يجوز النظر لجانب دون الآخر، فإن اتساق نطاق العمليات الإرهابية سيتوقف على رد فعل بريطانيا، ومدى استعدادها لمواجهة كافة المخاطر الناجمة عن أي خطوة ستتخذها فيما يتعلق بمسائل الأمن، وسياسات الهجرة.
حتى وإن بدا الأمر متداخلا مع مصالح لاعبين رئيسيين في المشهد السياسي العالمي، إلا أن الاستهداف المتعمد للمدنيين هو منهج مبني على رؤية تفسيرية خاطئة، ورؤية سياسية ضيقة الأفق، لا تنظر إلى مآل الأفعال، ومصالح الأمور، وإنما للتأكيد على أن الجماعات الإرهابية ستسترد صدارتها، وجدارتها من جديد في قيادة « الجهاد العالمي «؛ الأمر الذي سيثير من وجود شبكة تطرف بريطانية عميقة الجذور، يمكن لتلك التنظيمات توظيفها، واستثمارها بسهولة.
في محيط ما هو متحقق على الأرض، وفي ظل التغير النوعي في طبيعة العمليات الإرهابية، وفي ظل تعرض بريطانيا لهجمات إرهابية متكررة، فإن الإرهاب تقنية حرب صريحة، تسترشد بالأهداف الاستراتيجية، والاقتصادية، ومن الصعب القضاء عليه بالكلية، وستظل المنظمات الإرهابية تهديدا قائماً، وحقيقياً. وفي هذا السياق، فإننا نواجه اليوم عالماً من الإرهابيين الداخليين الذين تحركهم الدوافع الأيديولوجية، ما لم تواجه بإرادة حاسمة للقضاء على منابع الإرهاب، واتخاذ إجراءات جادة لتجفيف منابع تمويل الإرهابيين، ووجود رؤية دولية واضحة لمواجهة الإرهاب، والوقوف في وجه التهديدات القائمة، والمحتملة.
إن افتقاد الجماعة الدولية لأداة فاعلة، وحقيقية لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، والتصدي لها، جعلها تنظر إلى الإسلام على أنه دين يحض على العنف، والعدوانية، والإرهاب، والصدام مع الآخر. وقد تعمقت هذه الظاهرة - في الفترة الحالية -؛ نتيجة لصعود التيارات اليمينية المتطرفة في أوربا، وهي أحزاب معروفة بتوجهاتها المعادية تجاه المسلمين، ومعادية للوحدة. وبحسب مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، فإن استمرار الغرب - عمومًا - في النظر للإسلام، والمسلمين؛ باعتبارهم محل ريبة، وشك، ودائمًا ما يضيق عليهم، ويحارب رموزهم، كالحجاب، والنقاب، بل يمنعهم من إقامة شعائرهم، وكذلك من بناء مساجدهم؛ الأمر الذي يؤكد في أحد جوانبه، سلبية مواقف هذه الدول بادعائها الإعلاء من شأن قيم الحرية، والمساواة، والديمقراطية، والتسامح بين الأفراد في مجتمعاتهم، وهي أبعد ما تكون عن ذلك.