د. مها بنت شعلان القرني
مطلوب رجال: لرحلة محفوفة بالمخاطر، أجور زهيدة! برد قارس! شهور طويلة من الظلام! خطر مستمر! والعودة بأمان غير مضمونة! وسيحظون بالفخر والتقدير في حال النجاح!!
هكذا جذب مغناطيس المواهب وصاحب «عقلية المضاعف» المستكشف البريطاني إرنست شاكلتون، العقول والقدرات التي سوف تنجح رحلته لعبور القارة القطبية الجنوبية عام 1914م. والتي شارك فيها مئات الرجال الذين خاضوا تلك التجربة وعادوا «سالمين» إلى أوطانهم.
هكذا هم الأشخاص المضاعفون، الذين يرون أن الذكاء والقدرات تتطور بصورة مستمرة من خلال بذل الكثير من الجهد، ويناقضهم الأشخاص المقلصون «الذين يعتقدون أن ذكاء الأشخاص وقدراتهم ثابتة، ويمكن تلخيص منطقهم بعبارة (مهمتي هي التفكير بالنيابة عن الجميع لأن لا أحد يفهم الأمر أبداً)! وهذا ما يتصف به بعض القادة الذي يعتقد أن مهمته أن يكون الأذكى!!
الأشخاص المضاعفون ينظرون إلى الفرص والتحديات المعقدة ويفترضون أن هناك أذكياء سيفهمون الوضع ويتمكنون من حل المشكلة، أما المقلصون فينشؤون امبراطورية من الموارد والمواهب غير المستغلة، لذا فهم يشتهرون بكونهم (قاتلي المسيرات المهنية) وهذا ما حدث لي في فترة من فترات حياتي حيث عملت ضمن فريق لتأسيس مجلة علمية تختص بالتدريب، وعندما قابلت فريق العمل وجدتهم (موهوبين، أذكياء، مجتهدين) ولكن التأثير كان محدوداً جداً، القيمة الذاتية منخفضة، ومن ثم بدأت الفرص في تقديم ما نملك من ذكاء ومهارات لإنجاز العمل تتبخر، فتحولنا في فترة قصيرة إلى أشخاص «جيدين» بعد أن كنا أشخاص «جيدين للغاية»، ولا أعلم هل تحولت تلك البيئة إلى مكان للموت أم لا، لأن ذلك هو المتوقع!!
بينما نجد الأشخاص المضاعفون يستثمرون الذكاء ويضاعفونه فيتحول من يعمل معهم من موظف «جيد للغاية» إلى موظف «ممتاز» وهو ما سيضيف المجد والأضواء والتقدير للأطراف الثلاثة (القائد، الموظف، والمؤسسة) وتوصف هذه البيئات بأنها «كيان للنمو والتطور».
كموظف عليك أن تختبر عقلية القائد الذي تعمل معه، فإن استخدم ذكاءه لتعزيز ذكاءك وقدراتك وأخرج منك أكثر مما تتوقع، وتنصرف من عنده وأنت تشعر بأنك الأذكى، فستصبح أكثر ذكاء وكفاءة وتميزاً، وإن كانت عقليته معاكسة تماماً فأنت مجرد «جوهرة ثمينة» معروضة في أحد معارض منشئي إمبراطوريات المواهب غير المستغلة!!