زكية إبراهيم الحجي
خلق الله سبحانه وتعالى البشر على مستويات مختلفة ومتفاوتة من الصحة والقدرات، وجعل كلاً منهم في حاجة للآخر.. وتُعتبر فئة ذوي الاحتياجات الخاصة من الفئات التي عانت عبر التاريخ من النظرة القاصرة المبنية على الخرافات والظلم والتجاهل والتهميش.. حتى أن بعض المجتمعات كانت تطلق عليهم المقعدين أو ذوي العاهات، ثم أسموهم بالعاجزين.. والعجز الحقيقي هو عجز المجتمعات السابقة عن استيعابهم، وعجزهم عن تقبلهم والاستفادة منهم.
جاء الإسلام فبدأت تلك النظرة القاصرة تتغير شيئًا فشيئًا نظرًا لاهتمامه بهذه الفئة اهتمامًا كبيرًا.. والمتأمل في القرآن الكريم يجد أمامه مثلاً إيجابيًّا من أمثلة الاهتمام والرعاية، ألا وهو عتاب الله سبحانه وتعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في قصة الأعمى عبد الله بن أم مكتوم الذي أعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء العتاب من الله لنبيه بقوله {عَبَسَ وَتَوَلَّى}.
وانطلاقًا من اهتمام الإسلام بهذه الفئة كانت نقطة التحوُّل الجذرية باتجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، وتولَّدت القناعة لدى أفراد المجتمعات بأن هذه الفئة جزء مهم منهم، وعليهم تفعيل دورهم في العطاء والإبداع، وعدم التعامل معهم من باب الشفقة أو أنهم أقل من غيرهم.. لذا بدأ الاهتمام التدريجي بتقديم الرعاية الطبية وبرامج التأهيل والبرامج التربوية والتعليمية لهم.. ونشر الوعي والاهتمام بقضيتهم، وعدم فصلها عن قضايا المجتمع.
وإيمانًا من المملكة العربية السعودية باحتياجات وحقوق هذه الفئة الغالية فقد خطت خطوات واسعة في مواجهة تحدي الإعاقة الذي تعاني منه فئة قدر الله لها أن تكون من ذوي الاحتياجات الخاصة.. ورغم ما تبذله الدولة مشكورة من جهود لهذه الفئة، وذلك من خلال مشاركة وتفاعل جميع المؤسسات المعنية بالأمر، إلا أن هناك بعضًا من جوانب القصور والعثرات التي تحتاج إلى معالجة سريعة.. وهذا القصور يتمثل في واقع البيئة المحيطة التي تفتقر للتسهيلات اللازمة لاستعمالها براحة واستقلالية؛ فالمعوقات الهندسية الإنشائية قد تحدُّ من الحركة بسهولة ويسر.. ومن هذه المعوقات بعض أرصفة الشوارع غير المهيأة، ووجود درج في جسور المشاة، والمفترض أن تكون سلالم متحركة، والعتبات المرتفعة في بعض المجمعات التجارية والمؤسسات الحكومية ومؤسسات الخدمات العامة.. وعدم توافر مواقف خاصة لمركبات هذه الفئة، وحتى إن وُجدت يستغلها آخرون أصحاء.. وغالبية الدوائر الحكومية لا يوجد من بين موظفيها موظفون يتحدثون بلغة الإشارة.. وعدم توافر مرافق عامة تتناسب مع احتياجاتهم، كدورات المياه - أكرمكم الله -.. والأهم من ذلك كله هناك شبه قناعة بعدم أهلية وقدرة هذه الفئة عند أصحاب العمل في القطاع الخاص وفي بعض القطاعات العامة.
إن هذه الفئة جزء من نسيج المجتمع، وهي قادرة على التميز والإبداع والمنافسة الشريفة لإثبات ذواتها، ووضع بصمتها في المجتمع.. لذلك لا بد من تضافر الجهود لمعالجة أي قصور يطول حقوقهم.