سمر المقرن
قرأت تقريراً نشرته وكالة الأنباء الألمانية منقولاً عن صحف محلية، يتحدث حول معاناة سعوديين عجزوا عن سداد مخالفات ساهر، مما تسبب في منعهم من السفر إلى الخارج وإيقاف الخدمات الحكومية. يعرض التقرير بعض القصص على لسان أصحابها، وكل منهم لديه مخالفات بمبالغ خيالية وصل منها إلى 160000 ريال، الغريب أن أصحاب المخالفات يتحدثون بمظلومية عجيبة وكأنهم ضحايا لنظام ساهر المروري، والأغرب أن التقرير مكتوب بطريقة تؤيد هذه المظلومية وكأنه نظام مروري جائر. السؤال هنا: كيف وصلت المخالفات المرورية لهؤلاء إلى هذه المبالغ الهائلة؟ وهل مثل هؤلاء يُكتفى منهم بدفع المخالفات، أم من الضروري إخضاعهم للمحاكمة؟ من يرى -بعض- من يقودوا سياراتهم في شوارعنا وسرعتهم الرهيبة التي قد تقتلهم وتقتل غيرهم، واستهتارهم بالأنظمة المرورية وبقطع الإشارة الضوئية دون أي احترام، يجد أن هؤلاء لا بد أن يخضعوا لمحاكمة بالإضافة إلى مخالفات ساهر، لأن هذه المخالفات المادية لم تردعهم، بل خرجوا بكل «بجاحة» على الصحف المحلية يشتكون جور وظلم نظام ساهر، ولم يفكروا بالظلم والجور الذي تسببته قيادتهم المتهورة لشوارعنا ومجتمعنا!
إن هؤلاء وغيرهم من لا يتقيدون بالأنظمة المرورية، ولا يأبهوا بأرواح الناس يجيدون فن الاستهتار، وللأسف هذا الفن ينتشر كثيراً في مجتمعنا، ليس في الأنظمة المرورية فحسب، بل في معظم أوجه الحياة، من الملاحظ وجود أنانية مفرطة، خصوصاً بالشوارع فبعضهم تجده يسير في الشارع أو يقف في وسط الطريق دون أدنى مسؤولية أو إحساس بالآخرين، وكأن الشارع ملكه وحده. ما زلت أعتقد أن نظام ساهر المروري لم يغطي كافة المشاكل التي نواجهها بالشارع وأتمنى أن يُغطي مخالفات أخرى غير تلك المتعارف عليها، مثل من يقف أقصى اليمين ثم يلف على جهة أقصى اليسار!
قلتها في مقالات سابقة، وأعيدها اليوم، أن ثقافة الشعوب نعرفها من طريقة قيادتهم للسيارة ومن خلال سلوكياتهم في الأماكن العامة. لدي إيمان كبير بأن مجتمعنا يتغير للأفضل، خصوصاً في ظل إيجاد قوانين تدعم هذا التغيير وتساهم في عملية تسريعه، وبرغم كل ما نراه من فوضى إلا أنني لست متشائمة، ولدي إيمان كبير بأن التثقيف والوعي لا يتم إلا بالقانون، ولعل ساهر وغيره سيكونوا سبباً في تغيير الثقافة المستهترة إلى ثقافة منضبطة واعية، شريطة أن تقف الصحافة والوسائل الإعلامية في تعزيز القوانين لا أن تقوم بعرض منتهكي القانون على هيئة ضحايا!