علي الخزيم
- لماذا يفرح التلاميذ بتعليق الدراسة، هي قضية كبرى على مستوى الأمم، يجب التفكير بها بعمق ودراستها بشكل مستفيض بعقول أفضل الخبراء، هذه ليست مسألة عابرة، بل قضية رئيسة هامة، يتحدد بسببها مصير أجيال سيكون لهم شأن بمسار حياة أمة كاملة بعد عقود.
- وفيما يعلن مسؤول مناطقي بالتعليم عبر فضائيات شهيرة أن (البنية التحتية) بمدارس المنطقة مكتملة الجوانب وأن لا شيء ينقص الطلاب حتى نعمل على تعليق الدراسة، ينتشر مقطع فيديو يُظهر مجموعة معلمين قد تطوّعوا بمعاونة التلاميذ لتنظيف المدرسة من آثار الغبار والأتربة المتراكمة، ومما يُلفت الانتباه جملة: (البنية التحتية)، فكثير من المتحدثين عبر الفضاء إذا أرادوا الدفاع عن دائرة عملهم وخدماتها؛ يكررون هذه العبارة، فهل هم حقاً يدركون ويعون مضمونها؟!
- رسائل ومقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتندر على موضوع تعليق الدراسة بين مؤيّد ومعارض، وتنافس بين الطلاب في المناطق وتلميحات موجهة إلى من لم تعلق الدراسة بمحافظاتهم وكأن الميزة هي التعليق، ومن لم يَحْظ بذلك فهو يعيش يوماً تعيساً ولم يفرح مع الأغلبية المستمتعين بإجازة التعليق، وهذا جانب من القضية يجب على خبراء التربية والتعليم تداركه سريعاً، إن كانوا قد أدركوا عظم المسؤولية، وأهمية ما يحدث.
- فئة المدافعين عن عدم تعليق الدراسة أثناء مواسم الأمطار والعواصف الترابية يُقَدِّمون أدلة بمقاطع مصورة من مناطق معينة من العالم تُظهر طلاباً يعبرون نهراً عبر جسر معلق من الأخشاب والحصير ونحوه، للتدليل على أن من أراد العلم لا يعيقه الطريق والأسباب الطارئة، وهذا دليل منقوص، فهي حالات محدودة من قرى نائية ببلاد تعاني ظروفاً اقتصادية ومعيشية صعبة، ولا تقارن ببلد ميزانية تعليمه بمليارات الريالات سنوياً! وتتكرر به الحالة كل موسم ولم تُتخذ حيالها الحلول المناسبة؛ من النقل المدرسي، وتهيئة المدارس بكل المرافق اللازمة حتى تكتسب مسمى مدرسة بالفعل، يجد فيها التلميذ والطالب مقومات التشويق وتحبيبه للعملية التعليمية، لا أن تكون مدارس مُنَفِّرة من قمتها إلى قاعها.
- التصرفات غير المتعمقة التي تصدر من بعض المعلمين أثناء الاختبارات بتقديم الشاي والقهوة للطلاب، بزعم تبديد الرهبة عنهم؛ هي تصرفات لا أسمح لنفسي بأن أطلق عليها بأنها بلهاء، إنما قد يجوز عليها أنها اجتهادات لم تكن صائبة تماماً، وزاد بعض القياديين ببعض المدارس بأن قدّموا بأيديهم دخون العود الأزرق (البخور)، وهم من كانوا بالأمس يتعاملون مع التلاميذ بصورة مغايرة، قد لا تكون في غالب أحوالها تربوية ودِّية أبوية، مما يُولِّد لدى الصغار والناشئة صوراً من التناقض غير المنطقي، ويربك قناعاتهم بمصداقية المُعلِّم وما يقدّمه من معارف لهم.
- إذا رأيت الطلاب يفرحون بمفارقة المدرسة فثمَّت خلل وشرخ واسع تَنْفُر بسببه الأجيال (عماد المستقبل) من تعليمك وطريقتك بتقديم التربية والمعارف لهم، الأمر الذي يستوجب حملة صادقة ومدروسة تشمل كافة جوانب العملية التعليمية لإنقاذ مستقبل عقول أبناء الأمة مما يواجهونه في دور العلم والمعرفة.