فيصل أكرم
هل قال أحدٌ إن الحزن كان بالأصل فرحة اصطدمت بخطأ عظيم فاستحالت حزناً؟ طبيعة حياتنا العظيمة كبشر توحي بهذا وإن لم تقله، فليس كل وحيٍ يُقال.. هل قال أحدٌ إن ظلَّ الروح يبقى ألماً لا يزول بعد زوال إنسان عزيز كان يحتلّ القلب، فغادر، بسهولة لم تكلّف صاحب القلب المحب سوى دمعاتٍ قليلة، غير أن ظلَّ روحه كان روحاً صار لها ظلٌّ من الصعب أن يغادر وفي الحياة حياة؟ طبيعة الحُب تشعرنا بهذا، وليس كل شعورٍ بالحب يُقال.. ولستُ أعرفُ حقاً إن كان قد قال أحدٌ بهذا وذاك، بوضوح لا يحتمل الاحتمال، أم أنني لم أقل ما يستحق أن يُقال؟ فلقد ضاق بي الحالُ حتى أصبحتُ متنكراً أو غير متذكرٍ لمعرفتي حتى بي، وبما قلتُ من قبل أو قيل لي، فكيف بما يقال في كل الأحوال كمطر لا يكف عن الهطول كلَّ عامٍ على رمالٍ كانت وستبقى رمالاً وإن تلبّستْ بالطين أحياناً وأحياناً تتورّط ببعضها فتبدو على هيئة أوحال؟! قلتُ قبل عقدين من الزمان، في حالة لم أرها تتغيّر حتى الآن:
(سيظلُّ هذا الحزنُ فينا
سوف نحزنُ في الصباحِ
وسوف نُحبسُ في البراحْ
فانهض معي، يا وحيُ، نخطفُ لحظةً
مرفوعة الخطوات تأخذنا بعيداً
قربَ ناصيةِ المذاقِ المستباحْ
فالكأسُ تملأ كفَّنا، من دمعنا
والريحُ تختبرُ الجراحْ:
هل فرحةٌ مرّت علينا،
أو على – حتى – سوانا
منذ أن كبرتْ على يدنا خطايانا؟
انهضي، يا روحُ، قانعةً
لنرسم في الجدارْ
ونغيّر الألوان في الأكوان ترتيباً يليقُ
بقصةٍ للذاهبينَ، وقصتينِ لعائدينَ
ولا نزوّر في الشعارْ:
أيامنا.. أحلامنا
مهما ابتعدنا، سوف نلقاها هناكَ
ونلتقي؟
لسنا دعاة الانتظارْ!
فانهض معي، يا (لا أحدْ)؟!
وحدي ألوِّحُ في الغبارْ).