عبدالله بن محمد الشهيل
ثانياً: ما هو كائن
نعني به: الوضع الحالي للأندية الأدبية الذي أعقب: أول انتخابات أجرتها وزارة الثقافة والإعلام بعد انتهاء مدة المجالس التي عينتها مباشرة الوزارة على إثر انتقال القطاع الثقافي إليها.. إلا أن مضي وقتٍ طال عقب حلول موعد انتخابات جديدة دون إبداء الأسباب : أثار طرح أسئلة عن سكوت الوزارة دون بيانها : هل هو عدول عنها؟.. أم تجميد لها لبعض الوقت؟.. أو أن الداعي : ملاحظة الوزارة للتلاعب بالنتائج بفعل : الثللية.. وكثرة الشكاوي بعدم جدوى إجراء الانتخابات إلا الإلكترونية؟ فرأت تأجيلها إلى أن تنتهي من دراسة البديل ولكن بحسب المنشور بجريدة الوطن.. العدد 5612.. الصادر في 1-5-1437 هـ : بأن وزير الثقافة والإعلام: مدد للأندية ستة أشهرٍ.. تجري بعدها : الانتخابات هذا الوضع أدى إلى فتور شبه عام على مناشط النوادي المنبرية والنشرية.. إلى قلقٍ بين المثقفين.. وسبب : إرباكاً لبعض رؤساء الأندية.. وأعضاء مجالس الإدارة فتقدم أكثر من رئيس.. وعضو : إما باستقالةٍ.. وإما بطلب إجازة طويلة انتظاراً لما سيتخذ بهذا الشأن.. وما تمناه ألا يطول كثيراً : صمت الوزارة.. وتُجرى الانتخابات بأسرع وقت لضرورة إجرائها بصيغةٍ مناسبة.
الثقافة من الرياضة إلى الإعلام
لم تنل الثقافة ما تستحقه منذ كانت مسؤولة عنها : الرئاسة العامة لرعاية الشباب.. وحتى بعد أن آلت لوزارة الإعلام : ظل الاهتمام بها ثانوياً.. رغم أنه من المعلوم بأنها : الحصن الحصين لكل بلدٍ بجناحيها المنهجي (التعليم).. واللا منهجي (الحر.. أو الطليق).. فالثقافة سواء العلمية.. أو النظرية: منطلق قوة.. وثقة بالقدرات.. ومصدر : إشعاعٍ وتنوير.. وركيزة تنميةٍ مستدامة.. واقتصاد متنوع.. وملبية لكافة : حاجات العقول والأبدان.. وبناء علاقات تبادلية تقوم على المصلحة المشتركة.. والتكافؤ والاحترام.. فتحقق وهذه مكانتها: التكامل الحضاري.. والرقي السلوكي والتعاملي.. والتلاحم الوطني.. وكسب الاحترام .
أولاً: الرياضة
مع أن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز رحمه الله كان مثقفاً ومطلعاً ومتابعاً.. وداعماً للثقافة والمثقفين.. ومدركاً لماهيتها.. وقوة تأثيرها.. وأنه ما دامت كذلك.. فمن الضروري تفعيلها.. واستثمار معطياتها.. وإحضارها بكافة المجالات.. والعمل على إشاعتها : متأثرة ومؤثرة.. ومتفاعلة وفاعلة.. وقد حرص من خلال الثقافة على إبراز شخصية المملكة بالخارج.. وكثيراً ما كان يستجيب لمطالب لمثقفين.. ومساعده وعلاج كثيرين منهم.. و مول العديد من المشروعات الثقافية من جيبه الخاص.. وكان في سبيله إلى فعل الكثير قبيل وفاته.. وكل ما ذكر كنت عارفاً به.. ومكلفاً بتنفيذ بعضه.. ولكنه رحمة الله عليه نظراً لطبيعة الثقافة البطيئة . ومساراتها الطويلة.. وسياقاتها المعقدة.. وسرعة طبيعة الرياضة وتداعياتها الكثيرة.. وتتابع مشكلاتها.. وتصرفات بعض رؤساء الأندية الرياضية.. واللاعبين : شغلت معظم تفكيره وعم له.. ولم تترك له الوقت الكافي.. خاصة : أن المسابقات والبطولات على مختلف المستويات بعهده كانت المملكة من المتفوقين فيها : فوزاً.. وتنظيماً والتزاماً مما يستدعي : دراسة ومتابعة.. وتكثيفاً في الاتصالات.
ثانياً : وزارة الإعلام
رغم أن وزارة الثقافة والإعلام شغل حقيبتها : وزيران عاشا الحياة الثقافية بكل تفصيلاتها: وراثة.. ونشأة وبيئة.. وعشقاً وهماً.. وفكراً وإبداعاً.. وتجربة وتأهيلاً هما: معالي السيد إياد أمين مدني الأمين العام الحالي لمنظمة التعاون الإسلامي.. وهو علاوة على : أنه مفكر.. وخبير إداري.. وإعلامي بارز.. من عائلة في المدينة المنورة : مشهورة بالوجاهة.. والأدب والعلم.. ومنهم: والدة وعمه رحمهما الله . وابن عمه: معالي الدكتور : نزار عبيد مدني.. وزير الدولة للشؤون الخارجية .
الثاني كان معالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة المعين سفيراً لخادم الحرمين بالمغرب.. وهو علاوة على أنه : شاعر معروف.. أصدر مجموعة من الدواوين.. تُرجم بعضها إلى أكثر من لغة.. ومنها : اختيرت بعض القصائد الوطنية.. وغير ا لوطنية أنشدها.. وعناها مطربون ومطربات مشهورون : غنوها.. فهو أيضاً دبلوماسي وإعلامي ناجح.. وقد كان أستاذاً جامعياً.. لكن يظهر : أن حدثيه الإعلام المتسارعة وحساسيته.. وعدمية ثباته.. وقوة تأثيره.. وضرورة المتابعة.. وطبيعته التي لا تحتمل التأجيل بحيث باتت سلطته مهيمنة بخاصة في الآونة الأخيرة : لم تترك لهما الوقت الكافي.. فلم يستطيعا نتيجة ذلك : خدمة الثقافة كما ينبغي .
وبحديث أدلى به د . خوجة وزير الثقافة والإعلام الأسبق لصحيفة « الوطن « الصادرة في 27 ذي الحجة 1436هـ.. أعلن فيه بأنه : يؤيد فصل الثقافة عن الإعلام.. فلكل منهما: حقله الخاص المستقل عن الآخر.. ويضيف بما معناه: رفعتُ (رسمياً) بذلك حين كنتُ بالوزارة.. لكنني بخروجي لا علم لي بالذي تم بشأن ما رفعته.. ويحسبه . فالإعلام: متجدد متغير ( وديناميكي حركي).. والثقافة لها : وقتها الإبداعي (ولا يمكن الجمع بينهما). إن مطالبة المثقفين باستقلال الثقافة : قديمة ولكنها تتجدد من حين لآخر.. فظلت محبوسة بقفص : همش تأثيرها نتيجة : اختلاف طبيعتها وسياقاتها.. وأهدافها عما تُجمع معه.. وحتى بحسبهم لو جُمعت مع ما هو قريب . فالثقافة المفروض : أن تُقدم.. ولا تُلحق بغيرها.. ولهذا السبب : لم تبلغ المستوى التغييري الذي ينهض بالتفكير والعمل.. ويعمم المنافع.. ويصدد المخاطر.. إلا أن ما هو : واضح.. فإن الثقافة لا تزدهر... وتنعكس على كل شيء بأي مجتمع إلا في المناخات المناسبة.. وطول زمن.. والبلاد قبل توحيدها.. وبضع سنين بعده : عانت من الصراعات.. والانفلات الأمني.. واللا استقرار.. ولكنها لم تلبث طويلاً حتى تماسكت بسيادة الأمن والاستقرار.. والغندماج والتحديث.. ونهضت بالتعليم بجميع مراحله.. والتنمية والتعمير.. والمدن العلمية والاقتصادية.. وبلغت ببضعه عقود ما لم تبلغه كثير من الدول في قرون.. ولا شك أن المال عامل مهم بنهضتها.. ولكنه استمر بنسبة مرتفعة لحدٍ: وضحت معالم كثير من التطوير.. والمأمول أن ينتقل اقتصادنا من الريعي إلى التنويع والإنتاج.
أما أن القول : إن الثقافة لم تبلغ المستوى التغييري بالتفكير.. والفعل والمنافع.. فلا يمكن الموافقة عليه على إطلاقه.. وإن المطلوب لتماميته ما زال غائباً..فقد حضر بعض منه بحيث لا يمكننا انكار التأثير الإيجابي لها مثل : دارة الملك عبدالعزيز , ومكتبته العامة.. ومكتبة الملك فهد الوطنية.. ومركزه الثقافي.. مركز الملك عبدالله للغة العربية.. ومهرجان التراث والثقافة (الجنادرية).. ومركز الحوار الوطني.. والأندية الأدبية..و جمعية الفنون وفروعها.. والمراكز الثقافية.. والمكتبات العامة.. والتجارية والخاصة.. ودور النشر.. وقناة تليفزيونية ثقافية.. فضلاً عن الصالونات والمجالس الثقافية الخاصة .
هذه كلها: روافد ثقافية مهمة.. وأكثرها فاعلة..ومنها : المنتج.. والمتكاملة فعاليته.. ولكن الثقافة مازالت مشتتة.. وجمعها بغيرها كالرياضة سابقاً . والإعلام الآن : صعب إلى أقصى حدٍ حفظ التوازن.. لا لتباعد طبيعتها عن طبيعتي : الرياضة والإعلام فحسب.. بل لتمدد سلطة كل منهما.. وسيطرتها على مشاعر.. واهتمامات الناس.. وقد نزيد في هذا المجال بالقسم الثالث والأخير .
التضييق والخلاف :
على خلاف ما أريد للأندية الأدبية الأدبية في أن تكون بمنأى عن : البيروقراطيات والمحسوبيات حتى لا تعرقل مساراتها.. وتعطل بالتعقيد كثيراً من فعالياتها.. وطيلة المدة التي امتدت من تأسيسها.. حتى انتقالها لوزارة الإعلام : لم يحاول المسؤولون عنها : إخراجها مما حدد لها بنظامها العام.. وهو : دائرة المجتمع المدني لكي لا تضيق مساحة تحركاتها.. وتأخذ الأبعاد الكافية دون .