نادية السالمي
كثر من يعرفون الكتابة وقلة منهم يجيدون القراءة لهذا لا تعجب حين تجد نفسك مصنّفا ضمن قائمة لا تعرف أدبياتها، كل الذي تعرفه أنك مدرج فيها بناء على فهم قارئ!
الشر ليس في التصنيف:
التصنيف أرخى سدوله على كل ما تعاقب عليه الليل والنهار، بمعنى أن كل شيء خاضع للتصنيف.. الأوقات، المخلوقات، الملل والأديان، والأفكار، ولا بأس بهذا، إنما عظيم البأس وجل الخطر حين يكون التصنيف الزنزانة التي تُنزل فيها الناس وتحكم على نياتهم أو عقولهم فتقربهم وتبعدهم، تمد لهم حبل ودك أو عداوتك بناء على تصنيفك الذي قد يحول دونه والصواب أمور أنت تجهلها في معايير التصنيف أو تتعمد تجاهلها، وتكتفي بمجرد التشابه السطحي. فتؤثر على السلم الاجتماعي واللحمة الوطنية، وتلوي ذراع قيم التسامح والتعايش، والأصل في الشريعة الإسلامية الإحسان لكل البشر والشجر وحتى الحيوان.
تعدد التيارات الفكرية عقوق للوطن أم بر به:
تدني الوعي الجمعي، والقصور في مفهوم المقاصد الحضارية يتطلب الإيمان بضرورة التعدد، والتعدد والتنوع إثراء للمجتمع الواحد والحزب الواحد والبيت الواحد، وهو تحقيق لمعنى الاختلاف، وأداة لتمحيص العقل النيّر بين الصح والخطأ، والمهم والأهم. والمجتمعات العربية أكثر مواجعها وأبلغ ما ألم بها أحادية الرؤية، فساد الفساد في الحياة الاجتماعية والسياسية وحتى الفكرية الثقافية، لو تركت هذه الأفكار المتنوّعة وتحاورت بأسلوب لا يلغي الآخر لحصل التنافس وتميزت الرؤى، وتمايزت الأفكار وعرف عامة الناس أول الطريق وآخر المسلك وهم على بينة إلى أين يمضون وتمضي بهم خياراتهم.
سقوط النخب في اختبار قبول تعدد التيارات الفكرية:
النخب من كل التيارات حالف الفشل معظمهم فكفروا بالتعدد دون أدنى وعي بما ينادون به من تقبّل الآخر، ومنحه محاولة التغيّر أوفرصة للتعبير عما يجول في خلده، بل الأدهى والأمر أن هؤلاء على هؤلاء استنجدوا بالسلطة للقضاء على خصومهم، ومن ثم التشفي بهم، ما يعني أن لديهم مشكلة في وضوح الرؤية ومشكلة في الهوية وبالتالي المرجعية يجب أن يتداركوها وإلا ذبوا في العدم أو في أقرب تيار.
هل تصنف نفسك؟
التحزّب مناهض لفكرة الحرية ومتناقض مع أدبياتها ، فهو الانغلاق والتبعية، وربما تكرار نفس خطوات من سبقوك بلا تجديد ولا ابتكار ، وإذا البعض يرى أن من الفقه تصنيف نفسك ضمن تيار فكري فأرى أن من الحكمة تجنّب هذا طالما «الحكمة ضالة المؤمن إينما وجدها هو أولى بها»