قاسم حول
بسم الله الرحمن الرحيم
«مثل نوره كمشكاة فيها مصباح» اختيار جميل لاسم المهرجان السينمائي لكلية الآداب والفنون والإِنسانيات بمنوبة بتونس. هي الدورة الأولى من مهرجان «مشكاة الأنوار» للإبداع السينمائي الطلابي المغاربي، وذلك للأيام من التاسع إلى الحادي عشر من شهر أبريل هذا العام 2017.
كما تشمل الفعاليات ورشات عمل لكتابة السيناريو والتحليل الفيلمي والتصوير.
تسمية «مشكاة الأنوار» سرت في كثير من المؤلفات والأعمال الفنية منها كتاب الغزالي «مشكاة الأنوار ومصفاة الأسرار» ومنها منحوته في ساحة كلية الآداب والفنون وهو عمل للنحات التونسي «عبد الحميد النجار» لتكوين الطلبة بشكل متشابك ليشكل شعلة «المشكاة ورسالتها أن العلم نور» واعتبر منظمو المهرجان أن السينما هي الكتابة بالنور. يتيح هذا المهرجان الفرصة ليس فقط أمام السينمائيين التونسيين فحسب، بل هو مفتوح أمام جميع شباب المغرب العربي لتحقيق التواصل وتبادل الخبرات والتجارب. ويشمل أشكال المحاولات السينمائية المجددة من الأفلام التجريبية، أو الروائية القصيرة أو الأفلام الوثائقية، تلك التي تعنى بقضايا إنسانية، اجتماعية، اقتصادية، وسياسية في أجواء تتسم بحرية التعبير، بهدف تشجيع التجارب المغاربية الشابة على الإبداع في المجال السينمائي وعلى المبادرة والإبداع. وقد وضعت لجنة المهرجان شرطًا يتعلق بطبيعة الفيلم، فهو يندرج ضمن مفهوم الفيلم القصير الذي لا يتجاوز طول الفيلم خمسًا وعشرين دقيقة، على أن يكون كافة المشاركين في مرحلة الدراسة الجامعية، وأن يكون الفيلم تاريخ إنتاج الفيلم ضمن السنتين الأخيرتين قبل تاريخ المهرجان. يشرف على هذه التظاهرة السينمائية الشابة والواعدة عميد كلية الآداب والفنون التونسية «الحبيب كزدغلي» ونائبة المدير «سرور اللحياني» ومسؤول الإعلام «سمير بن علي المسعودي» وبتنسيق «أحمد القسمي».
خصصت للمهرجان في المنافسة ثلاث جوائز أساسية هي الذهبية والفضية والبرونزية. كما تمنح جائزة لأحسن تصوير وأحسن سيناريو «غير منتج» بمعنى سيناريو لم يتحول بعد إلى فيلم سينمائي.
تشكل هذه المهرجانات أهمية بالغة وفي تكوين جيل سينمائي للمستقبل، ولقد بدأت رقعة هذه المهرجانات بازدياد عددها وتنوعه بين الفيلم التجريبي والفيلم القصير والفيلم الوثائقي، في بلدان كثيرة من العالم. وفي مدينة كراكوف في بولندا ينعقد سنويًا أهم مهرجان لسينما طلبة الأكاديميات باسم مهرجان «أتيودا».
تحقق هذه المهرجانات فرص التعارف على التجارب وكذلك تبادل الخبرات من خلال الحوارات ونقاشات الأفلام. وسيدعو مهرجان «مشكاة الأنوار» عددًا من النقاد السينمائيين في تونس لمناقشة الأفلام والكتابة عنها. وحتى يضفي المهرجان أهمية على النتاجات السينمائية الطلابية، فإنه قد شكل لجنة غير محلية، بل لجنة دولية من كبار السينمائيين من المخرجين والمنتجين لمحاكمة الأفلام المتنافسة وتقييمها ضمن الجوائز المقرة. وهي فكرة تمنح المهرجان قيمة إضافية.
كما أن فكرة إقامة ورش العمل لكتابة السيناريو والتصوير وورش عمل طرائق تحليل الفيلم السينمائي بكل أبعاده الفكرية والفنية الجمالية، يضفي بالغ الجدية على المهرجان وأبعاد نظرته لمستقبل السينما كأداة مهمة في المجال الثقافي. إذا يشكل السيناريو السينمائي الركيزة الأساسية للفيلم السينمائي، وهو أحد أهم ضمانة الإبداع، ثم يأتي التصوير الذي يجسد أحداث وشخصيات السيناريو، وتأتي ورشة التحليل والنقد لتشكل عملية التقييم السينمائية. فمهرجان «مشكاة الأنوار» إنما يؤسس لسينما الغد وسينما الشباب، كيف ينظرون للواقع بعين سينمائية فاحصة وليست مسطحة. ومثل هكذا مهرجان يؤهلهم لقراءة عميقة للواقع تتسم بأعلى شكل من أشكال قيم الجمال.
اللجنة المشرفة على المهرجان من أساتذة كلية الفنون ومن النقاد التونسيين، تمكنت من لم شمل الشباب من بلدان المغرب العربي مع السينمائيين الشباب في تونس. بداية واعدة بقيمة سينمائية واعدة في تونس التي عودت جمهورها على ثقافة السينما من خلال أهم تجربة في إنشاء نوادي السينما في عموم تونس منذ نهاية الستينات من القرن الماضي، التي تمخضت عن أيام قرطاج السينمائي قبل خمسين عامًا.