فهد بن جليد
ما يقوم به المرور تجاه ضبط ومخالفة السائقين (المنشغلين) بهواتفهم الذكية أثناء القيادة لا يزال -برأيي- أقل من المأمول والمنتظر في هذه القضية التي تهدِّد أرواحنا على الطرقات؛ فاحتمالات أن يضبطك رجل المرور عند حملك الهاتف وانشغالك به (ضئيلة جدًّا) أمام أعداد السائقين ونسبة المنشغلين منهم، مع تقديرنا لكل رجل مرور يقوم بإيقاف مركبة استخدم سائقها الهاتف أثناء القيادة.
نحن في حاجة لتشريعات صارمة، مثل (رفع قيمة المخالفة + السجن + حجز المركبة)؛ للقضاء على هذه الظاهرة الخطرة المسؤولة عن 52 % من حوادث السير التي تقع اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب تطبيق حديث ابتُكر هناك لتتبع أسلوب القيادة، فيما أتوقع أن تكون النسبة لدينا أكبر من ذلك بكثير نتيجة انشغال معظم السائقين بهواتفهم أثناء القيادة. وأتمنى أن تكون لدينا مثل هذه التجارب والأبحاث والدراسات العلمية؛ للوقوف بشكل علمي ودقيق على حجم الخطر الذي يتجاوز - برأيي - خطر السرعة الزائدة، التي ينشغل بها الرصد المروري (البشري والآلي)، فيما الدراسات ستقلب الموازين حتمًا؛ لتعيد جدولة خارطة الأسباب الحقيقية لوقوع الحوادث على طرقاتنا؛ مما يتطلب اهتمامًا أكبر؟!
التوعية والحملات (مطلوبة في كل وقت)، نذكرها ونشكرها، ولكننا الآن نعيش واقعًا، نحتاج معه من المرور إلى تدخُّل ومواجهة (جادة) لحماية أرواح جميع سالكي الطريق ومستخدميه، في ظل العشوائية والتخبط الذي يسببه (غير المبالين) من قائدي المركبات الكبيرة والصغيرة من عشاق متابعة وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أثناء القيادة في كل رحلة، وليس التحدث فقط!
في مقال سابق طالبت (بتجريم) المنشغلين بتصفح هواتفهم أثناء القيادة؛ كون هذا الفعل يدل على استهتار عن سبق إصرار من قِبل هؤلاء السائقين الذين لا يختلفون - في تقديري - عن (المفحطين وقاطعي الإشارة المرورية)، في ظل أن استيعاب (المنشغل بهاتفه) أثناء القيادة يشابه 80 % من استيعاب وردة فعل (السائق المخمور). أليست كل هذه الدراسات والمبررات والحوادث المميتة التي يباشرها المرور، ويكتشف فيها أن (الانشغال) عن المركبة والطريق كان سببًا رئيسًا لوقوعها، مبررات كافية للمواجهة الشاملة، وإعلان الحرب على هذا الخطر (القاتل) المتزايد..؟!
المرور هو المسؤول (الأول) عما يحدث اليوم وما سيحدث مستقبلاً؛ لأنه من يملك الحل، وبيده -وحده- تغيير المعادلة؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.