د. حمزة السالم
ما بال المسؤول عندنا لا يلتفت لمقال كاتب ولا لمشورة ناصح ولا لطلب مقابلة. فو الله إن له في ملك البلاد قدوة حسنة لو اقتدى به. فلو فعل لما وجد شياطين الإنترنت من المحرضين والحاقدين بيئة خصبة لهم بعد أن غاب الراعي واستفرد الذئب بالقطيع.
سكوت المسؤولين عن أحاديث الإرجاف، يستدل به الناس على أحد ثلاثة أمور. إما أن أحاديث الإرجاف صحيحة فالسكوت دليل التأييد. وإما أن المسؤول لا يدري ما الوضع وما هو الصحيح. وإما أن الوزارة تخفي فساداً لا تريده أن يظهر. وأنا اعتقد أن بعضاً من كلا الأمور الثلاثة حاصل.
فالسكوت ليس هو الحل إنما التعلم والتواضع للعلم والاستفادة ممن علم.
وملكينا حفظه الله قدوته محمد بن عبد الله، فهو لم يهمل كاتباً، إذ لم يهمل عليه السلام مقولة الانصار في حنين، بل جمعهم « يا معشر الأنصار ما من مقولة بلغتني عنكم» فبين عليه السلام لهم حتى فهموا فهدأت نفوسهم.
أليس في نبي الأمة وفي مليك البلاد قدوة حسنة للوزارات تقتدي بها؟ إن كان غرها من نفسها الخبير الأجنبي، فلولا أخذت من بلاده قدوة فتنازلت فتحدثت للصحفي وقابلت الكاتب وبينت الأمور واستفادت من بعض ما يقال ولو كان خطأ؟ فتبيين الخطأ يفتح المجال للإبداع.
إلى متى والجهات الرسمية تحطم الإعلام السعودي وتفقده الثقة في نفسه وتفقد الثقة الشعبية فيه حتى أصبح الناس يتلقون أخبارهم من الجهات المشبوهة.
الحكومات المتقدمة تصنع الصحفيين والكتاب والصحف بأن تمنحهم الثقة بالتفاعل مع كل ما تنشر الصحيفة التي ما أعلى شأنها الإعلامي محلياً وعالمياً إلا اعتبار الحكومة لها، فشعرت بالمسؤولية فحملتها. تصنع الحكومات المتقدمة الكاتب بمنحه لقاءات شفافة وبالتفاعل العلني مع كل ما يكتب، فمن هو فريدمان الذي اعتبره العالم أجمع، لو أن حكومته لم تعتبره. إن لم يُقدر الرجل قومه فلا تطمعن في الغريب أن يقدره. وما أهون عند الناس من هان عند قومه.
من السياسة يا معالي الوزير صنع كتاب وصحف ينشرون سياستك ويوضحونها للناس، والصنع لا يعني التأييد والتبجيل بل النقد ثم تفنيد النقد. فليس خزياً يا معالي الوزير أن تنزل عن عرش التعالي وتتحدث للكاتب والصحيفة. وليس عيباً أن تجهل أمراً قد تحدث به كاتب، بل العيب الاستمرار في الجهل. وليس من الحكمة اعتبار الآراء رأياً واحداً ولو تشابهت صورها، ففرق جوهري بين ناقل مقلد وبين مفكر مبتكر، ولو تلبست الأفكار لباساً ظاهرياً واحداً. إن ذنب جهل الشارع الاقتصادي وارجاف مرجفي الاقتصاد، لو جعلوني حكماً، لحكمت على معالي الوزير.