خالد بن حمد المالك
كان هناك تناغم بين الأمير محمد بن سلمان وكبار المشايخ اليمنيين، ففي كلمته خاطب وجدانهم، وذكرهم بالقيمة الكبيرة التي يتميز بها اليمن عن غيره من الدول العربية، كونه الأصل والأساس والعمق للعرب وأن أعراق العرب وجذور العرب ترجع بالأخير لليمن.
* *
هناك روابط تاريخية عميقة بين البلدين والشعبين الشقيقين المملكة واليمن، وهي ما لم تدركه إيران، فقد دخلت في مغامرة شديدة الخطورة ليس على المملكة ولا على اليمن، وإنما على إيران نفسها، إذ إن في تدخلها وكأنها لمست - كما قال الأمير - عمق العرب، أي اليمن الشقيق.
* *
ومن بين المضامين الكثيرة في خطاب الأمير قوله مخاطباً المشايخ اليمنيين: رجال اليمن ليسوا في حاجة لمساعدة أشقائهم، فهم إذا استنفروا ووقفوا سوف يقضون على دار العدو، لكن لا نستطيع نحن إخوانكم - يقول الأمير - أن نرى استنفاراً ووقفةً للرجل اليمني دون أن نكون إلى جانبه.
* *
لقد كان ولي ولي العهد مطمئناً وهو يتحدث للمشايخ اليمنيين بأن كل عدو مدحور في اليمن، وأن المستقبل سوف يكون مزدهراً في اليمن، وأن هذه خطوة فيها عز وشموخ لليمن والعرب، وسوف يذكر التاريخ كل ما سوف تقومون به، فأنتم ورثة تاريخ مشرف عن آبائكم وأجدادكم، وسوف يرث أبناؤكم عنكم مثل هذا التاريخ المشرف.
* *
هكذا هي لغة العقل والحكمة والصدق التي سادت كل كلمة في خطاب الأمير، وهكذا هو الإصرار والشجاعة والإقدام على بلوغ النصر في اليمن الشقيق، بعد عام ونصف على المؤامرة الخطيرة التي اشترك بها عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح بدعم ومساندة من إيران، غير أن ما بني على باطل، وما قام على خيانة، فلن يحصد إلا الهزيمة النكراء، ولن يكون لمن تنكر لوطنه، وأعطى ظهره لمواطنيه، مكان في التاريخ، إلا في مزبلته، ولن يصح إلا الصحيح، وهو ما نراه الآن رأي العين في الانتصارات المتتالية للتحالف والشرعية والسقوط المدوي للانقلابيين على الشرعية، وهو ما يمكن فهمه واستيعابه في كلمة الأمير لمضيفيه.
* *
هذا الكلام الجميل الذي تحدث به الأمير محمد ترك أثره الكبير لدى كبار مشايخ القبائل اليمنية، بالتفاعل، والتجاوب، والتأكيد على أنهم ماضون في تحرير بلادهم من مغتصبيها، ومنع العدو من أن يستبيحها، أو يعرضها لمستقبل مظلم، أو أن يجعلها ساحةً للإضرار بشقيقتها الكبرى المملكة العربية السعودية، أو أي من الدول العربية الأخرى، وخاصة دول مجلس التعاون.
* *
فقد كان رد الفعل لزيارة مشايخ القبائل للمملكة، أن تقدموا بشكرهم للمملكة باستجابتها لرغبتهم للالتقاء بالقيادة السعودية، وهو ما عبروا عنه في كلمتهم التي ألقوها على مسمع الأمير محمد بن سلمان، مؤكدين تقديرهم لما قامت به المملكة والتحالف في دعم الشرعية اليمنية، وإعادة الأمن والاستقرار لليمن وشعبه.
* *
ولم يُخفِ الشيخ مفرح بحيبح الذي ألقى كلمة المشايخ نيابة عنهم ما حققه الجيش الوطني والمقاومة الشرعية من تقدم لتحرير الأراضي اليمنية، حتى أنها أصبحت الآن على أبواب العاصمة صنعاء.
* *
إذن نحن أمام مرحلة متقدمة في الانسجام بين اليمنيين أنفسهم، والتفاهم فيما بينهم، لتخليص الشعب اليمني من سجانيه، وإنقاذ اليمن مما دبر له في ليل، ولعل هذا التوافق بين اليمنيين يسرع في إنقاذ اليمن، ويكون مخرجاً لتحرير ما تبقى من أراضيه، والخروج من النفق المظلم الذي أوجدته إيران باستخدام أدواتها في اليمن وأعني به الحوثي والمخلوع.