عمر إبراهيم الرشيد
منذ انطلاقة القنوات الفضائية السعودية الخاصة بداية عقد التسعينيات الميلادية وبعيد حرب الخليج الثانية تحديدا، دأبت (بعض) هذه القنوات المحسوبة على رأس المال السعودي منذ بدء بثها وحتى اللحظة على اتباع شتى الوسائل للتكسب المادي، دون تلمس الحس الاجتماعي وقيم المجتمع المتلقي، مع إشعار فئة كبيرة من هذا المجتمع بتحدي توجهه وهنا تكمن رعونة التعامل الإعلامي وضحالة الخبرة الاجتماعية اللازمة للإعلامي بشكل عام. هنا أحترم تفكير القراء الكرام وذكاءهم فليسوا بحاجة إلى تحديد تلك القنوات المقصودة بالاسم، ولست هنا للتشهير أو الردح الممجوج وليست تلك رسالة الصحافة الأصيلة. بداية لابد من التذكير بأن تلك القنوات أتت بعد قحط برامجي وإنتاجي نوعي في معظم القنوات التلفزيونية التقليدية، مع نظام بث قديم وإمكانيات أقل من عادية في تلك الفترة، لذا فقد استحوذت تلك القنوات الخاصة على المتابعة وعلى سوق الإعلان التجاري كنتيجة طبيعية وتسيدت الساحة الإعلامية. ولذلك الاستحواذ أسبابه كما قلت، فقد غزت الفضاء العربي بنظام بث رقمي واستديوهات متميزة فخامة وأداء وببرامج مغايرة بعيدة عن الرتابة التي كان يشكو منها المشاهد إضافة إلى التنوع، والموضوعية تقتضي الاعتراف لها بذلك. إنما تدهور المسئولية الاجتماعية بمعناها الشامل وتسطيح بعض قيم المجتمع في نظري بدأت باكرا مع بدايات بث تلك القنوات المقصودة كما قلت، وأساس الإشكال برأيي تسليم إدارة تلك القنوات إلى كوادر خارجية بعيدة عن فهم طبيعة المجتمع الخليجي والسعودي تحديدا، منطلقة من مبدأ تجاري في الأساس كما يرغب ويهدف إليه الملاك والمساهمون. وكأن التكسب لا يأتي إلا من طريق مخاطبة الغرائز لا الفكر والذوق السامي، فباتت تلك القنوات أكبر مستورد للبرامج الأجنبية المعلبة لتقدمها ممسوخة غريبة على ذوق المشاهد الخليجي والسعودي وقيمه. والأدهى أنها باتت تتسيد هوية الإعلام السعودي في الوطن العربي، فبات المشاهد العربي يندهش من كم الجرأة الوقحة في كثير مما يطرح عبر تلك القنوات على أنه يمثل الإعلام السعودي الخاص للأسف الشديد.
أقول أن إدارة تلك القنوات أجنبية وان كانت عربية مع احترامي لكل من هو عربي مخلص لهويته العربية، إنما تساؤل يبرز هنا وهو هل عدمنا الكفاءات الإعلامية لإدارة مثل تلك القنوات؟. وأنا لا أقول بغلق الأبواب أمام الكفاءة من أي جنسية ما دامت الحاجة قائمة لها ولا يوجد من يسدها من الكوادر الوطنية، إنما نظرة إلى بعض القنوات الخليجية والسعودية الفضائية الخاصة وبعض كوادرها من مقدمين ومحررين بل وفنيين وكيف أثبتوا ليس كفاءتهم فقط، وانما تميزهم على أقرانهم من الاخوة العرب ولا ضير في ذلك ولا حسد. فهل من العسير تسليم الإدارة إلى كوادر سعودية وخليجية؟. ثم نظرة إلى كوادر القنوات العربية غير الخليجية، هل نرى فرداً خليجياً أو سعودياً واحدا يعمل في تلك القنوات؟. وأقول بكل أسف انظر إلى تعاطي تلك القنوات العربية مع المملكة (بعضها) وهي التي كانت تعتمد على المعلنين السعوديين بكل أسف. أعود إلى القنوات السعودية الخاصة وأقول لابد من لجم سعار تلك القنوات المقصودة وترويضها والتحكم في مصادر دعمها بل وإعادة تاهيلها اجتماعيا ومهنيا، وإلزامها بميثاق شرف إعلامي كما تم محاصرة تلك القنوات الطائفية المعروفة من قبل ولجمها كما نعلم، طابت أوقاتكم.