فوزية الجار الله
إن كنت إنساناً بيننا، تشقى بوعيك وحدة إحساسك، تؤرقك حكايات كثيرة تبدأ بالحرب ولا تنتهي بالسلام، تطوف الأحداث حولك وتتابع بشكل تًلقائي مباشر ما يحدث في هذا العالم بكثير من الاهتمام ، فلابد انك صافحت تلك اللحظة الرمادية في ذلك الصباح الذي تعجز الكلمات عن وصفه، ذلك الصباح الذي ضجّت فيه وسائل الإعلام بخبر مؤسف حدث في خان شيخون على أرض سوريا حيث قُتل الأبرياء بما فيهم الشيوخ والأطفال والنساء كما تقتل الكلاب الضالة والحشرات الضارة ( كرم الله أرواحهم وأجسادهم أياً كانت دياناتهم ومذاهبهم ) إن كنتَ كذلك فلابد أنك صافحت أيضاً أصداء وسائل الإعلام هنا وهناك التي اقتطفت منها شيئاً مما رصدته عيني:
في قناة DW الألمانية، يسأل المذيع مستطلعاً رأي بعض الأشخاص العابرين حول استخدام الأسلحة المحرمة دولياً وحول تأثيرها على المجتمع الروسي، تتفاوت الإجابات، ثم يستوقفني مشهد لشخص لا مبالٍ وهو يهز كتفيه: هذه تحدث في سوريا ولا تؤثر علينا!!
وفي موقع آخر، قالت صحيفة النيويورك تايمز: إن الهجوم يُنم عن «نذالة» الأسد ومن يدعمونه لاسيما روسيا وإيران كما أنه برأيها يمثل دلالة جديدة على زعيم له سجل من الوحشية يعود لعام 2011م ، عندما وجه أسلحته صوب محتجين سلمياً..
أما وزير الخارجية البريطاني «بوريس جونسون» فقد كان صوته خافتاً ومتشككاً وهو يقول: « إن الأسد سيكون مجرماً في حال ثبت تورطه بالهجمات الكيماوية، بينا قال الرئيس الفرنسي مُديناً الاعتداء «إن الأسد سينفي كعادته مسؤولية الهجوم، كما فعل عقب هجوم الغوطة 2013م» وقد أعربت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية عن شعورها بالقلق من «الهجوم المزعوم» بحسب وصفها..!
إن كنت إنساناً عاقلاً واعياً معتدلاً متوازناً تسعى للصلاح والإصلاح وترى أن الإنسان هو الأغلى والأكثر قيمة في هذا العالم، ترفض شريعة الغاب وترفض شرائع ميكافيللي جميعاً وما شابهها، إن كنت كذلك وقد كنت متابعاً لما يحدث في هذا العالم بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص منذ بدء الثورة حتى الآن ، فسوف تدرك مباشرة بأن ثمة خلل هائل حدث ولايزال، ثمة غياب للوحدة العربية وللصوت العربي الذي كان ينبغي أن يكون له الصدارة والأولوية في مثل هذه الأحداث فالملاحظ بشكل لا يقبل المواربة أو الشك أن دول العالم وجدَت في بلاد الشام أرضاً مناسبة للصراع والقتال، «تكأكأت» الأمم كما الذئاب الجائعة على هذه المساحة المميزة من العالم وتراوحت ردود الفعل العالمية ما بين الاستخفاف واللامبالاة وما بين نسج الحيل والأكاذيب للتنصل من مسؤولية تلك الجرائم المتكررة التي يبدو الأسد واجهتها الأكثر وضوحاً وخلفه جمهرة من الوحوش!
لذا حين سمعت بالضربة الأمريكية لسوريا لتأديب نظام الأسد وقواته، لم أجد حقاً ما أقول، لم أجد ملاذاً سوى الحيرة ومن ثم صمتاً مطبقاً حتى يأذن الله بأمر كان مفعولا.