د. عبدالواحد الحميد
يعرف كثيرٌ من الناس في مختلف أرجاء المعمورة أن «جيف بيزوس» هو مؤسس «أمازون دوت كوم» التي قلبت أساليب التبادل التجاري في زمننا رأساً على عقب بما أضافته من أفكار ومبادرات في عالم التجارة الإليكترونية. ويعرف الكثيرون منا «أمازون» من خلال خدماتها الفائقة لتزويد عملائها بما يطلبونه من الكتب التي تصدر في أقاصي العالم فتصلنا بسهولة ويسر بـ»ضغطة زر» من جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الذكي. لكن أمازون التي أصبحت أهم وأشهر «متجر إليكتروني» لا تتعاطى تجارة الكتب فقط، بل أيضا تجارة الملابس والإليكترونيات وأدوات التجميل وغيرها.
وقصة جيف بيزوس معروفة، فهو ترك وظيفته وعمله الناجح عندما لمعت في ذهنه فكرة إنشاء متجر إليكتروني، لكنه لم يستطع في البداية إقناع ما يكفي من المستثمرين لجمع مليون دولار كي ينطلق في مشروعه الذي اعتبره الكثيرون خيالياً وتنبأوا بفشله وذلك في منتصف التسعينيات من القرن الماضي عندما كانت فكرة الإنترنت جديدة وكانت تطبيقاتها التجارية قليلة.
وامتداداً لمبادرات جيف بيزوس، التي رأى البعض أنها شطحات وضربٌ من الخيال، فكَّر في إقامة مستعمرات فضائية يعيش فيها أناس ويعملون!! ومن أجل ذلك أنشأ شركة «بلو أوريجِن»، وهو يعمل على تحقيق هذا المشروع بمنتهى الجدية وينفق عليه أموالاً طائلة!
ومؤخراً قال جيف بيزوس إنه يبيع سنوياً ما يعادل مليار دولار من حصته في شركة «أمازون دوت كوم» وذلك للإنفاق على هذه الشركة التي مازال من الصعب تصور إمكانية تحقيق أهدافها، لكنه يؤكد أن المهندسين والطيارين في الشركة سوف يبدؤون اختبارات الطيران هذا العام أو العام القادم.
الواقع أن ما يمكن أن يتعلمه المرء من فكرة شركة «بلو أوريجِن» لا يتعلق بالضرورة بمدى إمكانية إقامة مستعمرات فضائية، وإنما الجرأة في اجتراح المبادرات المتجاوزة لما هو سائد من المفاهيم والأفكار والعمل بدأب شديد لتحقيقها. فلم يكن أحدٌ يتخيل أن فكرة متجر إليكتروني للكتب ستنجح، ومع ذلك ضحى جيف بيزوس بوظيفته المرموقة وأقدم على مغامرة ظنها البعض خيالية وحقق النجاح الذي كان يتطلع إليه.
جيف بيزوس، اليوم، هو واحدٌ من أشهر المليونيرات في العالم، وهو مالك صحيفة واشنطن بوست، والرئيس التنفيذي لأمازون. وقد أصبحت سيرته مصدر إلهام لملايين الشباب في العالم فهي تجسد النجاح متمثلاً في ما يمكن أن تصنعه الأفكار الجديدة الجريئة، فليت شبابنا يتعلم من هذه النماذج الناجحة وينطلق إلى الأمام.