«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
استوردت المملكة خلال عام 2014 ما قيمته 651.9 مليار ريال، منها ما يقارب نحو 95.1 مليار ريال مركبات للنقل بكافة أشكالها.. ولكن عندما نضيف المركبات بمشتملاتها وأدوات غيارها تصل هذه القيمة إلى نحو 210.1 مليار ريال..
السؤال الأهم: لماذا كل هذه القيمة الهائلة؟ وما هي قيمتها المضافة الحقيقية؟ وهل المملكة في حاجة لاستيراد هذا الكم الهائل من السيارات والمركبات؟ وهل يقتصر تقييم القيمة المضافة للسيارات على قيمة استيرادها حتى وإن كان الأفراد المشترون هم من يدفعونها؟ أم أن لها دورا في إهدار قيمة الحياة للإنسان نفسه؟
واردات السيارات تناهز 95 مليار ريال خلال 2016
أشار كثير من التقارير إلى تراجع قيمة واردات المملكة من السيارات في 2015 و2016 بنسب هامة بلغت في المتوسط 25 %، وأن هذا التراجع حدث في الطلب على السيارات الجديدة.. ولكن مع ذلك فلا تزال قيمة فاتورة واردات المركبات عموما والخاصة على وجه الخصوص مرتفعة، حيث وصلت خلال الربع الثالث من 2016 إلى نحو 19.3 مليار ريال، مقارنة بنحو 26.4 مليار ريال خلال الربع الثاني، ونحو 25.4 مليار ريال خلال الربع الأول .. وعليه، يتوقع أن تصل قيمة واردات السيارات للمملكة خلال عام 2016 إلى نحو 94.8 مليار ريال (أخذا بالمتوسط للثلاثة أرباع). ولكن هذا الرقم لا يمثل الرقم الحقيقي المرتبط بواردات المركبات، بل يوجد حوالي قيمة أخرى مماثلة تتمثل في واردات ترتبط بمشتملات المركبات والسيارات.
تضخم فاتورة الواردات واستهلاك فائض الميزان التجاري
البعض يعتقد أن هذه الواردات هي واردات يستهلكها الأفراد وهم من يدفعون قيمتها، ولا يوجد أي ضرر طالما هم يدفعون فاتورتها، ولكن في الحقيقة هذا اعتقاد خاطئ، لأن هذه الفاتورة تمثل الجزء الأهم داخل هيكل فاتورة الواردات المحلية عموما، فقد وصلت قيمة فاتورة واردات المركبات بمشتملاتها وأجوائها وأدواتها خلال عام 2014 إلى نحو 210.1 مليار ريال من إجمالي قيمة فاتورة بلغت 651.9 مليار ريال، أي أن السيارات ساهمت بنحو 32.2% من إجمالي الواردات السعودية عموما، وهي نسبة عالية للغاية وغير متوقعة.. بل نستطيع القول لا يوجد ما يبررها، لأننا لو افترضنا عدم وجودها أو أن قيمتها تبلغ النصف مثلا، لتوقعنا فائضا أعلى في الميزان التجاري بنفس القيمة.
السيارات واستنزاف الموارد وإهلاك البنية التحتية
توصف المركبات عموما بأنها أدوات إهلاك للبنية التحتية عموما، فالمركبات تعجل من اهلاك الطرق والمباني، الأمر الذي يكلف المملكة أموالا طائلة لصيانتها وإعادة تأهيلها. فسنويا تخصص المملكة ما يناهز 52 مليار ريال للانفاق على شبكة التجهيزات الأساسية والطرق، سنفترض أنه يخض منها الطرق ما يناهز 10 مليارات ريال سنويا، هذا الرقم الضخم أحد أسباب ضخامته الاهلاك المعجل والعالي نتيجة زيادة عدد المركبات عموما، فضلا عن ارتفاع معدلات حوادثها.
المملكة تستورد 782.8 ألف سيارة في 2015
في احصائيات منشورة لمصلحة الجمارك السعودية، وصلت أعداد السيارات المستوردة خلال 2015 إلى نحو 782.8 ألف سيارة، مقارنة باستيراد نحو 714.8 ألف سيارة في عام 2014، وهذه الأعداد الكبيرة المستوردة تثير الشك في عدد السيارات المرخصة والمتواجدة فعليا على أرض المملكة، فإذن كانت المملكة تستورد 715 ألف سيارة في سنة واحدة، فكم عدد السيارات الحقيقي على أراضيها والناتج عن واردات لعشرات السنين ؟ بالطبع ما يقال عن أن عدد السيارات بالمملكة يناهز 12 أو 15 مليون سيارة يمكن التشكيك فيه، حتى إذا افترضنا أن هذه السيارات تتقادم وبعضها ينتهي عمره الافتراضي بعد20 عاما مثلا.
تعتقد وحدة أبحاث «الجزيرة» أن عدد السيارات القائمة بالسوق السعودية لا تقل عن 18 مليون سيارة، وربما يزيد هذا العدد، وخاصة من السيارات التي تعمل بدون تأمين في القرى أو البادية أو غيرها.
فرض ضريبة على السيارات
أما آن الآوان لفرض ضريبة على السيارات تعادل قيمة الحياة وإهلاكها للتجهيزات الأساسية؟. فالقيمة الحقيقية للسيارة ليست هي قيمة شرائها أو استيرادها من الخارج، ولكن هي قيمة اهلاكها للتجهيزات التحتية عموما، وبل وما تسببه من استنزاف للموارد النادرة والتي من أهمها الانسان نفسه، لأن الحوادث المرورية تستنزف ليس بنية وتجهيزات أساسية فقط، وإنما تستهلك الانسان نفسه..
ونتساءل: كم قيمة الحياة للإنسان الذي يفقد حياته في حادث مروري نتيجة ازدياد عدد السيارات بالمملكة؟ فكلما ازداد عدد السيارات ازداد معدل الحوادث المرورية؟ ومن الذي يفترض أن يدفع هذه القيمة لفقدان الحياة؟ وهل ينبغي أن ننتظر حتى يقع الحادث المروري، ثم نطالب صاحب السيارة بسداد قيمة الحياة؟ أم أن مشتري أو طالب السيارة ينبغي أن يدفع قيمة مناسبة لما يمكن أن تتسبب فيه هذه السيارة مسبقا.. إن الأمر يحتاج لتقنين للحد من الإهدار في شراء السيارات ومن الحد من الاهلاك العالي للتجهيزات الأساسية، فضلا عن رفع قيمة الحياة الناتجة عن الحوادث المرورية.