محمد خالد الخنيفر
تتطرَّق هذه الزاوية إلى إجمالي الأرباح التي تدفعها السعودية إلى المستثمرين كافة بشريحة صكوكها المزدوجة (قيمة الإصدار 9 مليارات دولار). مع العلم أن التحليل الآتي ما هو إلا اجتهاد شخصي قائم على الطريقة التقليدية المتبعة من قِبل المتخصصين في أسواق الدَّين. وبشكل عام يصل إجمالي أرباح الشريحتين إلى 2,2 مليار دولار. قبل أن ندخل في التفاصيل علينا أن نعيد التذكير بما يأتي:
* بحسب نشرة الإصدار، ستستخدم المملكة أموال المستثمرين (القادمة من المضاربة) من أجل توظيفها في مشاريع البنية التحتية ببلادنا، وسوف يتم ذلك عبر محفظة المضاربة (أو المحفظة التي تحتوي على عدد من مشاريع البنية التحتية) التي ستؤول إليها 51 % من متحصلات الإصدار. كاجتهاد شخصي، لا تستغربوا لو ذهبت متحصلات الإصدار (الخاصة بهيكل المضاربة) لبعض المشاريع الجوهرية التي تندرج ضمن رؤية المملكة 2030. وبشكل عام، فإن مبلغ الربح الفائض (من المضاربة)، الذي سيظهر خلال مرحلة إطفاء الإصدار، سيذهب للمملكة؛ وذلك كحافز لها على إدارة محفظة الاستثمار بالبنية التحتية. بمعنى آخر، إن حَمَلة الصكوك سيتنازلون عن حقهم في تلك الأرباح (وهذا شرعًا جائز).
* كشفت المملكة أنها ستستخدم متحصلات الإصدار الناجم من حصيلة مرابحات السلع من أجل الأغراض المتعلقة بالموازنة العامة.
* يحسب لقيادات مكتب الدين العام أنهم وضعوا بندًا، يفيد بإمكانية قيام المملكة بشراء الصكوك بعد إغلاقها، وذلك في حالة ارتفاع مستوى التصنيف الائتماني للمملكة؛ الأمر الذي يعني قدرة السعودية على الاقتراض خارجيًّا بكلفة أقل مقارنة مع إصدار الصكوك هذا.
* بحسب نشرة الإصدار التي تم الاطلاع عليها، فإن الربح ثابت؛ وبذلك تكون المملكة قد نجحت في إغلاق (lock in) نسبة العائد الثابت. ونؤكد أن صكوكنا ليست قائمة على ربح متغير (floating).
5 سنوات
بلغت قيمة الإصدار لشريحة السنوات الخمس 4.5 مليار دولار، وتم تسعيرها بـ100 نقطة أساس فوق متوسط أسعار مبادلة الفائدة الثابتة والمتغيرة (Mid-SWAP) ذات الأجل المماثل. وهنا تكون نسبة الأرباح السنوية لتلك الشريحة هي 2.894. وبذلك يصل إجمالي الأرباح التي سيتم دفعها على هذه الشريحة إلى 651 مليون دولار.
10 سنوات
بلغت قيمة الإصدار لشريحة السنوات العشر 4.5 مليار دولار. وتم تسعيرها بـ140 نقطة أساس فوق متوسط عقود المبادلة ذات الأجل المماثل. وهنا تكون نسبة الأرباح السنوية لتلك الشريحة هي 3.628. وبذلك يصل إجمالي الأرباح التي سيتم دفعها على هذه الشريحة إلى 1,6 مليار دولار.
مؤشر القياس للأسواق الناشئة
* السنة الماضية خرجت السعودية بأضخم إصدار سندات في تاريخ الأسواق الناشئة. وحتى باكورة إصداراتها من الصكوك تُعد أكبر إصدار من الأسواق الناشئة لهذه السنة. وبظني، إن السعودية في طريقها لتصبح «مؤشر القياس» للأسواق الناشئة.
* بعد طرح الصكوك يتوقع أن تبلغ نسبة الدَّين العام للناتج المحلي الإجمالي 13.6 %.
خاتمة
* هكذا هي السعودية كما عوَّدتنا.. كل مرة دخول متميز لأسواق الدَّين العالمية، دائمًا ما تترك بصمة لا تُنسى.
* أعتقد أن حجم الإصدار الخاص بالصكوك رقم لن يتكرر من أي دولة. هذا الرقم لن يكسره إلا السعودية نفسها.
* نستبشر خيرًا بانضمام بلادنا لمصاف الدول التي أصدرت صكوكًا سيادية.
* فهذا الحدث ترقبته صناعة المال الإسلامية عقودًا طويلة.
* عندما نقارن حجم الطلبات مع إصدار السندات نجد أن الصكوك تلقت طلبات اكتتاب تجاوزت الـ 33 مليار دولار مقارنة مع طلبات السندات التي وصلت إلى 67 مليار دولار.
* قد يعزو البعض عدم تعدي حجم طلبات الاكتتاب حاجز الـ33 مليار إلى كون هيكلة الصكوك معقدة لبعض المستثمرين الدوليين، مقارنة مع هيكلة صكوك الإجارة بسيطة الفهم.
* لذلك قد يرى البعض أن قرار المضي قُدمًا بخيار هيكلة الصكوك الهجينة كان بمنزلة نقطة التحوُّل لهذا الإصدار، مقارنة بهيكلة الإجارة.
* أعتقد أننا تجنبنا دفع علاوة سعرية كبرى في حالة كان حجم الإصدار 10 مليارات دولار.