فهد بن أحمد الصالح
تحدثنا في مقال الأسبوع الماضي (1-2) عن الدوري المدرسي الذي انطلق مؤخراً وردة الفعل المجتمعية والثناء على تلك الخطوة التي انتظرناها طويلاً مع إيراد بعض المرئيات التي تدفع باستكمال الإنجاز رغبة في التميز واليوم نؤكد ونقول: إنه في كل دول العالم (إلا لدينا) تعتبر الجامعات مصدراً خصباً للكثير من المهاريين الرياضيين وتغذي الأندية والمنتخبات جميع الألعاب, ويصبح ضمن خطة مدربي الأندية والمنتخبات حضور المنافسات الرياضية التي تُقام بين الجامعات لاستقطاب أفضل العناصر سواء هواة أو محترفين وقد يؤكل هذا الأمر إلى مكتشفي المواهب من الرياضيين والممارسين والمهتمين ويدخل اللاعب بعد التأكد من المعنين باستقطابه بعد استهدافه إلى مرحلة الاختبار والاختيار في النادي ومع المدرب والوقوف على السلامة البدنية واللياقية له, وتحرص الأندية على الخامات التي تسجلها من الدوري الجامعي لان المستوى الثقافي والتعليمي لديها أفضل من التي تسجلها من فرق الأحياء والحواري وهذا لا شك يسهل على الأندية التعامل مع اللاعب بالإضافة إلى أن العمر الافتراضي لوجود اللاعب المتعلم تعليم جامعياً في الملاعب أكثر وكذلك تعامله مع الاحتراف وضوابطه واعتبار أن ذلك مستقبله ويجب عليه أن يحافظ على نفسه ليستثمر فيها أطول وقت ممكن .
بعد هذا المدخل العام لعلنا نقرب النظرة إلى واقع جامعاتنا الرياضي وكذلك دور الاتحاد الرياضي للجامعات السعودية, فاليوم فاقت الجامعات الحكومية والأهلية 30 جامعة وكلها تملك مدناً رياضية على أعلى المستويات، بل إن بعضها يعتبر عالمياً في التصميم والبناء وتنوّع الملاعب والصالات واتساع المدرجات للمشاهدين وكلفت مئات الملايين عند تجهيزها وعشرات الملايين في صيانتها وتشغيلها دون أن يلمس المجتمع عامة والرياضيين خاصة أي تأثير تلك الإمكانيات واستثمارها بما ينفع طلاب الجامعة ويشعل فتيل الحماس والمنافسة بينها خاصة وان للنشاط البدني تأثير مباشر على النشاط الذهني وبالتالي التحصيل العلمي والمهني للطالب , كذلك لا نقرأ خبراً يفرحنا بتميز جامعاتنا عربياً وعالمياً في الجانب الرياضي وأزكمت الأنوف المراكز العلمية المتأخرة التي تسجلها الجامعات السعودية، بل إن بعضها ربما يحتاج مجهود أكبر لمعادلتها عالمياً وهذا لا شك يستلزم جهد كبير من المعنيين بالجانب العلمي والمهني في تعليمنا العالي , ولكن لا يحتاج الجانب الرياضي جهداً وفكراً خارقاً مثل غيره لكي نفرح ولو بمراتب متقدمة رياضياً لجامعاتنا ولا نعرف أين تقع المشكلة في عدم الاهتمام بالجانب الرياضي في جامعاتنا السعودية وهي رسالة نوجهه في البداية لوزير التعليم لعلنا نجد عنده الاهتمام الذي وجدناه عندما تبنى أطلاق اتحاد الرياضة المدرسية ودعم انطلاقة النسخة الأولى مؤخراً للدوري المدرسي الذي انطلق في جدة برعاية كريمة من سمو الأمير خالد الفيصل ورعايته ومتابعة رئيس الاتحاد المدرسي .
وحتى تكون الانطلاقة أفضل للدوري الرياضي لجامعاتنا السعودية الحكومية والأهلية فإنه يجب الاستفادة من التجارب المحلية للهيئة العامة للرياضة أو تجارب الاتحادات العالمية المماثلة بالإضافة إلى التركيز على أمرين هامين هما:
الأول: ضرورة التخصص الأكاديمي الرياضي والتربوي في رئاسة الاتحاد وكذلك أعضاء مجلس إدارته الذي يجب أن يكون مطعم بجانب صحي يتعلق بالطب الرياضي وجانب نفسي وكل هذه التخصصات وأكثر موجودة في جامعاتنا السعودية ويمكن أن يستفاد من أصحاب البصمات من الأكاديميين الرياضيين الذين قدموا للرياضة السعودية مثل المدرب الوطني الدكتور عبدالعزيز الخالد الذي قاد منتخب ذوي الاحتياجات الخاصة إلى بطولة كأس العالم وبجدارة واستحقاق .
الثاني: إعادة توجيه النظرة التي أصبحت الجامعات تتنافس حولها وهي طرح المدن الرياضية الجامعية للاستثمار من أجل تنمية الموارد المالية للجامعة لصرفها على جوانب لا شك علمية وتربوية ولكنها غير رياضية وهذا يخالف الهدف الذي من أجله تم إنشاء المدن الرياضية في كل الجامعات إلا بصورة لا تؤثّر على الاستفادة منها في إيجاد منافسات رياضية داخل كليات الجامعة وبين الجامعات وبعضها واستضافة منافسات إقليمية وعربية وعالمية للجامعات بكل الألعاب .
ختاماً.. لا شك أن معالي وزير التعليم ومديري الجامعات هم خير من يدرك أن عدم الاستفادة من الموجودات والإمكانيات والإنشاءات الرياضية هو هدر مالي لأنها كلفت الكثير ولم يتم الاستفادة المثلى منها وفي جوانب تؤثر على صحة طلابنا ولا تنمي التواصل داخل الجامعة ولا بينها وبين طلاب الجامعات الأخرى ولا تبرز كذلك للعالم اهتمام الدولة بالنشاط البدني والسلامة الصحية للنشء الذي سيقود مستقبلها , وهذا يعني أن الإنفاق على تلك المدن وبتكاليفها الباهظة ومواصفاتها العالمية لم يكن في محله طالما أن الاهتمام بالجانب الرياضي في جامعاتنا السعودية متدني إلى هذه الدرجة في حين أن في كل جامعة كلية للتربية الرياضية أو قسم في كل التربية واقتصر فقط على تخريجهم للعمل في السلك التربوي دون وجود تطبيق عملي للمنافسة الرياضية الشريفة التي نتطلع إلى نقلها لشباب التعليم العام بمراحله الثلاث ونخرج منه إلى نبذ التعصب الرياضي والاحتقان الجماهيري الذي لم يخدم رياضتنا ولم يساعد على تقدمها وتطورها.