سعد الدوسري
في أحد شوارع الملز بالرياض لمحت رجلاً خمسينيًّا بملامح وهيئة سعودية، يجلس بعيدًا عن الرصيف، ويحدق بي أثناء وقوفي أمام الإشارة. حين التفت له، لوح لي مسلِّمًا، ثم اتجه لي.
- السلام عليكم.
- عليكم السلام.
- ساعدني يا وجه الخير.
- أنت سعودي؟!
- إيه بالله، سعودي.
- ما عندك ضمان؟! ما سبق أن راجعت جمعية خيرية؟!
- الضمان والجمعيات الخيرية ما ساعدوني.
طبعًا لن يحتاج الأمر إلى ذكاء شديد لكي تعرف أن هذا المتسول واحد من مخالفي أنظمة الإقامة، وأنه يبتز عواطف الناس، من خلال لباسه ولهجته المسرحية.
- لماذا يستمر هؤلاء النصابون في نصبهم؟!
لأننا نتجاهل الأنظمة، ونغفل الجهود في سبيل البحث عن الأجر والمثوبة السريعة، التي لا تحتاج منا إلى أي جهد؛ لأننا لا نريد أن نبحث عن المحتاجين الحقيقيين من رجال ونساء وأطفال. حتى الأجر والثواب نريده أن يصل لمنازلنا، مثل البيتزا والهمبرقر!! في النهاية، نحن نهدم كل ما تبنيه الأجهزة الأمنية من برامج مكلفة ماليًّا، ومضنية بشريًّا.
إنَّ صفة السذاجة التي ارتبطت بنا لن تنزاح عن كاهلنا إن لم نتغير. المسألة ليست ريالاً أو ريالين من مواطن لمخادع عربي؛ المسألة صارت أكبر. الخداع صار يطولنا في شهاداتنا العلمية، وفي عقودنا المالية مع الشركات الأجنبية. صار الواحد منا يمشي، يحيطه الخداع من كل جانب.