أحمد المغلوث
لست أدري لماذا كلما أُتيحت لي الفرصة لحضور مناسبة ما، وعُزف فيها نشيدنا الوطني، سواء كان هذا العزف مباشرًا من خلال فرقة عسكرية متخصصة في هذا المجال، أو من خلال تسجيل، وأقف مع الواقفين مسؤولين ومواطنين ممن تمت دعوتهم لحضور هذه المناسبة أم تلك؟! أشعر لحظات الاستماع للنشيد والعزف بقشعريرة تهزني وكياني، وتكاد ترفعني محلقًا في السماء وأنا أردد بصوتي الخفيض مع المرددين:
سارعي للمجد والعلياء
مجدي لخالق السماء
وارفعي الخفاق أخضر
يرفع النور المسطر
رددي الله أكبر يا موطني
يا الله، شعور لا أجمل ولا أروع ينتابني لحظتها، وأشعر بأنه ينتاب كل مواطن، بل حتى كل من يستمع لهذا النشيد الذي وُفِّق فيه شاعرنا المبدع إبراهيم خفاجي الذي أعد الكلمات؛ لتتواءم ولحن السلام الملكي إيقاعًا ولحنًا. وتولى الفنان الكبير سراج عمر مسؤولية مطابقة الكلمات واللحن.. وزاده إبداعًا صياغة اللحن الذي حلق بالكلمات إبداعًا موسيقيًّا؛ لتحلق في سماء الأنغام؛ فتشعر وأنت تستمع إليها بأنك تتلذذ كمستمع لكلمات النشيد، وتريد من كل عازف أن يعزف ويعيد من جديد؛ فأنت الآن في سماء رحبة مشبعة بالمجد والفخر والاعتزاز بوطن الإسلام والمحبة والسلام.. وبعفوية وتلقائية تردد مجددًا «يا الله». وهذا ما شعرت به ورددته وأنا أستمع إلى عزف (الأوركسترا اليابانية وهي تعزف النشيد الوطني السعودي بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض). لقد غمرني عزف هذه الفرقة الأوبرالية اليابانية بمشاعر الغبطة والسعادة لإبداعهم في العزف، ولإجادتهم في إتقان كلماته إلى حد كبير، وخصوصًا قائد الأوركسترا الياباني الذي كان واضحًا عليه التأثر والانفعال وهو يردد كلمات النشيد بصوته الأوبرالي الضخم والفخم. ومعروف أن السيمفونية قمة الإبداع الموسيقي. وليس كل عازف قادرًا على المشاركة في جوقة الأوركسترا، ولا حتى الإبداع في عزف مقطوعاتها إلا بعد اختبارات، والمرور بتجارب عديدة؛ حتى لا يتسبب في تنافر الموسيقى والأنغام خلال عزف سيمفونية أو مقطوعة ما. ورُبَّ سائل يسأل: ما هي السيمفونية؟ وماذا تمتاز به؟ والحق أن «السيمفونية» هي مؤلَّف موسيقي، يتكون من حركة واحدة على الأقل متناغمة، وتُكتب عادة من أجل الأوركسترا. وقد نشأ هذا النوع من التأليف الموسيقي في القرن الثامن عشر، ثم تطور على أيدي بعض أعلام الموسيقى الكلاسيكية في القرنَيْن الثامن عشر والتاسع عشر وأواسط القرن العشرين، حتى استقرت على الشكل المعروف حاليًا. ومن هنا نكتشف تميُّز هذه الفرقة اليابانية التي أحسن مركز الملك فهد الثقافي باختياره لها؛ فهي - والحق يقال - أبدعت في عزف نشيدنا الوطني سيمفونيًّا؛ وبالتالي أسعدت كل من حضر مباشرة في المركز، أو من خلال مشاهدة عزفها عبر قنوات التلفزيون، أو من خلال وسائل الإعلام الجديد.. إن هذا الفن السيمفوني له تأثيره الكبير على كل من يستمع إليه؛ فلا عجب أن نجد العديد من دول العالم تبني له أفضل المباني وأجملها؛ لتتناسب مع قيمة هذا الفن الخالد، وخصوصًا وافن كله، هو ومن خلال إبداعاته المختلفة، هو لغة عالمية، لا تحتاج إلى ترجمة؛ فهو يعبِّر عن نفسه بنفسه.. إنه فن ويكفي؟!
تغريدة: المشاهد للوحات الأمير والشاعر خالد الفيصل يكتشف مدى الجهد المبذول في رسمها؛ فهناك نقلة كبيرة متميزة، اجتمعت في الخطوط والألوان والتكنيك.. فلا عجب أن تُباع بالملايين؟!