فوزية الجار الله
(1)
* ثمة حقيقة مؤكدة لا تخفى على أذهاننا وهي أن لمجتمعاتنا العربية خصوصيتها فيما يتعلق بالعادات والأعراف والتقاليد التي من النادر أن يحيا عربي بمعزل عنها، خاصة تلك التي تمثل حالة إيجابية مميزة، من تلك العادات الإيجابية الانتماء إلى العائلة والامتزاج بها والتفاني في حب أفرادها والإخلاص لهم، تبقى قريباً منهم، تحاول المساهمة في دعمهم مادياً ومعنوياً إلى أقصى قدر ممكن، لكنك وسط هذه المعمعة، لا ينبغي أن تنسى أو تتناسى ذاتك، لنفسك عليك حقاً في إسعادها وتحقيق طموحاتها قدر الإمكان.. حين تؤدي واجباتك تجاه العائلة فلا ينبغي حينئذ لأحد أن يلومك لتقصيرك أو لاختياراتك الأخرى المختلفة، فالحياة قصيرة وإن لم تبحث عن ذاتك وتكرس شيئاً من الوقت لإنجازاتك فلن يتوقف الزمن لانتظارك، وهذا لا يندرج إطلاقاً تحت مسمى الأنانية وإنما هي العقلانية التي لابد منها لأجل حياة أفضل.
(2)
** منذ سنين مضت، قبل ظهور الإنترنت وقبل انتشار وسائل التواصل الحديثة كانت بعض المجلات العربية تحمل صفحة بعنوان، أصدقاء المجلة أو هواة المراسلة أو صفحة التعارف، كان أولئك يرسلون صورهم إلى المجلة ويعرّفون خلالها أنفسهم مؤكدين بأن من أهم هواياتهم مراسلة الشباب من الجنس ذاته أو من الجنسين .. ! كم كان أؤلئك يبذلون من الوقت والصبر والمعاناة لأجل التواصل مع الآخرين عبر المراسلة بالبريد، أغلب أؤلئك كانوا يعانون فراغاً وكان هدفهم تسلية أنفسهم، مثل هذه المجلات والصفحات أصبحت اليوم من تراث الماضي ..
ورغم اختلاف الأحوال اليوم وتعدد وسائل التواصل إلا أن البعض لازال يعتقد بأن صفحة «الفيس بوك» تعتبر وسيلة مناسبة للتعارف ما بين الشباب والفتيات، ولا أنكر ربما يحدث هذا لأولئك الذين يتسللون إلى الفيس بوك ولا زاد في رحالهم ولا بضاعة لديهم، هم كأولئك المتسللين المتلصصين الذين يبحثون عن فريسة، يذكرونني بأولئك المراهقين الذين يقفون في نواصي الحارات القديمة، وغالباً يمتازون بسوالف شعر طويلة تظهر من تحت « الغترة أو الشماغ»، وقد نكس عقاله وسبّل أجفانه، يحدث أحياناً أن يتم الوشاية بمثل صاحب هذه السمات، فيفاجأ بعصا «الهيئة»* تلوح أمام وجهه.. والبقية لديكم.
* المقصود هنا: هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
( 3)
* أحدهم على «السناب شات» مهتم بالكتب، يقدم نفسه باسم مستعار ولا يُظهر صورته، استغرق في الحديث عن فحوى أحد الكتب الهامة والممتعة في الوقت الذي ركز فيه عدسة جواله على الصينية والفناجين التي كانت إلى جانبه، انشغل متابعوه في السؤال عن الصينية والفناجين أكثر من السؤال عن الكتاب !! لا أدري من أي فئة يصنف متابعوه ؟ هل هم مثقفون أو مهتمون بالثقافة أم مجرد ربات بيوت يتنافسن على اقتناء أجمل الأواني وأكثرها غرابة وتميزاً.