د.فوزية أبو خالد
كانت تلك الثلة من الأسئلة المشروعة التي لمفاجأتي وجدت شباب مهرجان جمعية الثقافة والفنون حفيين بها ليس كأنهم استرقوا السمع إليها دون علمي، ولكن لأنهم عبر خوض التجربة عمليا توصلوا إلى شرط بسيط من شروط المغامرات الجادة المجددة، وهو شرط النقد الذاتي والقسوة في تخير أصعب الأسئلة.
ولأني وقعت في عشق التجربة لا بد من المصارحة بأن هذا التوجه الموجود لديهم يحتاج إلى قراءة نقدية منهجية وليس مجرد آراء انطباعية تأتيهم من هنا وهناك أو يخرجون بها تحت ضغط العمل.
فأفلام سعودية التي كتبت انطلاقتها الأولى على يد جمعية ثقافة وفنون الدمام، لم تكتب بيد واحدة، بل بما لا يحصى من الأيدي المتعانقة التي كان لكل منها حق عادل في وضع بصمتها على شريط الأفلام وشريط المبادرة وشريط ذاكرة المجتمع المستقبلية للأجيال الحالية والآتية.
إنها قصيدة.. سيمفونية. ملحمة صغيرة حية من لحم وحلم، اشترك في كتابتها بأكثر من لغة وفي نحتها وإخراجها وتصويرها ومونتاجها وتلحينها وعزفها وتشكيلها بكل مشتقات الطيف مُلهم واحد اسمه الأمل, وقدمها لنا بتميز فردي نادر في بطولة جماعية مطلقة اسمها الحب.
أما مايسترو ذلك العمل بجناحي الأمل والحب فقد كان شاعرًا لا يمتلك من أسرار تلك الصناعة المعقدة إلا ذلك السر الخلاق الذي اسمه إرادة الحياة واللعب الإبداعي والقيادة بالمشاركة.. يسكب أحمد الملا روحه الواثقة القلقة في مهرجان أفلام سعودية بشغف الشعر وبعشق الوطن وبزهو الشباب, ينزل نفسه بتلك الهيئة المائجة الفتية منزلة عمال الصناعات العظيمة صناعة الأحلام وصناعة المستقبل وصناعة الوطن.. يشاركه الصناعة الصعبة ببساطتها وتعقيدها كوكبة من الشباب المتقد. شباب على تنوعهم إلا أنهم منه وهو منهم، كما أنهم جميعاً من نفس فصيل الحب والأمل اشتركوا في نفس رغيف الخبز وفي فصوص برتقالة واحدة وعذوق رطب متعدد الطعم متشابه الحلاوة والمرارة, مروا بنفس شقاوة تسلق النخل وقطف النجوم قبل انبلاج النفط وتراشقوا بأجاج الماء وعذبه. فكان منهم على ضفتي طريق لم تلطخه أقدام وفي هواء لم تمسه أنفاس قامات متنوعة وليس رهطا بأي حال من الأحوال.
ومن تلك القامات الممشوقة الجادة في عشق الوطن الممعنة في إزعاجه بالتجديد المسلة سمر البيات, الفنان الفارع إبراهيم الحساوي, المخرج أحمد الشايب, محمد الحساوي, على البراهيم, أمل الثقفي, ناصر الظافر, عبدالوهاب السالم, علي الدواء, جعفر الجارودي, حسين العمران, ميسه الأخضر, عبدالله الحسن, يوسف الحربي, نورة الشيخي, عبدالرحمن السلمان, محمد العاشور, أحمد الحساوي, هدى هادي, عادل القطان.بتول آل قريش, كمال السيد, ندى اللحيدان, راشد الورثان, مخرج الافتتاح والختام, علي سعيد, حسن الخلف, محمد الموسى وغيرهم كثير ممن آمل المعذرة لعدم ذكرهم مع أن الجميع يستحق ولكن المساحة محدودة.
مع العلم أن كلاً منهم ترك على قلبي وعقلي بصمة لا تمحى وأعطى لنفسه اسما مع اسمه مشتق من شخصيته وأسلوب عمله أو شغفه لكن إن لم يكن من متسع على صفحة الجريدة فلا بد من فضاءات أخرى فقد سميت الابن حسين عمران رسول السفروسميت أبوراكان الطائي وسميت ميسة لمسة الشفاء وسميت مضوي الدار ومسك ضحى, دخون السهر وأبو أحلى حوراء وسميت عبدالوهاب بوصلة الطرقات وعادل قطان الدليل, وأبو نورة مدير الوقت, وسميت ندى دواة المطر ونورة الشيخلي طفولة الأشياء, وسميت محمد جراح أستاذ التعليم باللعب.. أما أحمد فليس هناك أسماء تكفي الشعراء.
كوكبة بشرية من شتى مشارب الخلفيات الاجتماعية والمعيشية والثقافية وكمائن المكان تلتقي على شظف ورغد العمل المشترك.
المدهش أن روح المشاركة لا تتوقف على المتطوعين والعشاق والعاملين بل تكلل أيضاً بشراكات مفصلية ملهمة ومن أبرزها الشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي ممثلاً برئيسه دكتور طارق الغامدي وبحضور نجم الريادة السينمائية الشبابية عبدالله العياف وأطياف أخرى لا أستطيع اللحاق بها.
يبقى على ماء القلب بصمات صناع الأفلام وإنتاجهم السينمائي الوثائقي والسردي, وقيادات ورش العمل, وضيوف مهرجان جمعية ثقافة وفنون ومنهم الشاعرة والسينمائية نجوم الغانم الروائي سعد الدوسري الشاعر عبدالله الصيخان المخرجة هناء العمير الناقد مهيار حداد, وضيف الشرف لمهرجان 2017م الفنان سعد الخضر.
وهذا ما أترك تناوله لوقفة قريبة تأتي، مع تقدير عميق لجهد أ.سلطان البازعي رئيساً لجمعية الثقافة والفنون وأ.عبدالعزيز العيد وطاقم العمل النشط لقناة الثقافية وكل المشاركين، خاصة الجمهور المتنوع المترع بالتوق وعطش الأشواق.