أمل بنت فهد
أتدري كيف تربي ثعباناً سامًا في حجرك.. وأنت تظن أنك تصنع حبيباً أو ابناً أو صديقاً؟ دون أن تنتبه أو تلاحظ.. ومن ثم حين يشتد ساعده ويؤذيك سوف تتهمه بأنه ناكرٌ للجميل.. أو خائن.. أو فاشل.. لكنك أبداً لن تفكر بأنه صناعتك أنت.. وإبداعك الذي حطمك ودمرك.. انقلابه عليك ليس وليد الصدفة.. وليس طفرة أخلاقية أصيب بها.. إنما هو عدوك الذي خلقته غفلتك.. «وهياطك» في أوقات الحديث دون حساب.. والبوح الساذج.
على سبيل المثال لا الحصر.. فإن الطفل الذي يعيش في بيئة لا تحترم الوطن.. ويسمع من والديه أنواع «التحلطم» والتشكيك في القيادات.. ولا يفهم من احترام الوطن عدا الهبات.. والعطايا.. إن حصلت أصبح وطنياً.. وإن غابت صار ناقماً ومظلوماً.. أطفال شربوا الإحباط من والديهم.. وتعلموا أن للوطن ثمنا.. كبروا وهم يظنون أن فشل حياتهم مرتبط بإهمال الوطن لهم.. ولم يؤمنوا أنهم هم التغيير.. وأن الإيمان بالذات يأتي من الداخل وليس من المعجزات.. ولم يشعروا بقيمة الأوطان.. إنما المصلحة الشخصية تحدد الولاء أو النكران.
طفل تشرب هذا السم مجرد مخلوق معلق ليس له أرض تتشبث بها جذوره.. لذا فهو لقمة مستعدة لقذف نفسها في أي مكان يمكن أن تشعر فيه بالانتماء.. فالانتماء غريزة يمكنها أن تتشوه.. وحين تتشوه الغرائز فإنها تكون كارثية.. لذا لا تصنع عدوا محتملا داخل دارك.. ولا تصنع من إحباطك وفشلك قنابل ستنفجر في وجهك قبل المجتمع.. إذا لم تتحرك وتختار الأصح.. لا تتهم الآخر.. لا تتهم الظروف.. بل كن صريحاً واقبل أنك قصرت مع نفسك.. وأنك ضيعت الفرصة.. بدلاً من خلق أعداء وهميين في عقول أبنائك.. علمهم كيف يصنعون من اللا شيء شيئاً بدلاً من توزيع التهم والتواري خلفها.
والطفل الذي تربى في بيئة لا تحترم المرأة.. غالباً سيكون وبالاً عليك حين يكبر.. سيكون قاسيا مع أخواته وأمه.. وأخيراً سيفشل مع زوجته وبناته.. وبالتالي سيدفع الأب ضريبة ثقيلة جداً من صحته وأعصابه.. وطفلتك التي عاشت وهي تتعلم الذل وتشربه ليل نهار.. لن تحمي نفسها.. ستكون ضعيفة.. أو متمردة.. وهماً عليك طيلة حياتها.
الطفل مخزن تجاربك.. وأحاديثك.. وإشاراتك.. لذا حذار أن تصنع قنبلة حياتك بيدك.. وتحتضنها لحين أن تنفجر بين يديك.