د. عبدالواحد الحميد
ضاعت فرص كثيرة في اقتصادنا السعودي لأننا كبلنا أنفسنا بقيود الاعتماد على استخراج النفط الخام وبيعه في أسواق العالم ثم الحصول على «الكاش» وإنفاقه على ما نستورده من سلع وخدمات وما نستقدمه من عمالةٍ تُعيد تحويل ذلك «الكاش» إلى الخارج مرة أخرى.
صحيح أننا استطعنا إقامة بنية أساسية تفتقر كثيرٌ من بلدان العالم إلى مثلها، وحققنا نجاحات تنموية اقتصادية واجتماعية نقلت مجتمعنا من أوضاعه السابقة حتى أن المملكة احتلت المرتبة الثانية عربياً في مؤشر التنمية البشرية الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومرتبة جيدة على المستوى العالمي وأصبحت ضمن أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، لكن كل تلك الإيجابيات والنجاحات لا تعني أننا استفدنا من الفرص التي واتتنا على مدى عشرات السنين منذ اكتشاف النفط في المملكة في ثلاثينيات القرن الميلادي الماضي بدليل أن اقتصادنا مازال اقتصاداً ريعيَّاً يعتمد على مصدر واحد ناضب هو: النفط.
ومنذ أيام ذهبتُ مع بعض الأصدقاء إلى حي البجيري في الدرعية، وبعد ذلك بفترة وجيزة ذهبنا إلى منتزه الملك سلمان البري في الرياض. وفي الحالتين بدا واضحاً ما يمكن أن نجنيه من عوائد مالية وثقافية واجتماعية لو أننا استفدنا من الفرص التي يتيحها قطاع السياحة والتراث الوطني والترفيه.
في حي البجيري يتمتع الزائر بالأجواء الجميلة التي يوفرها المكان وبالمناظر البهيجة التي يُمَتِّع بها ناظريه وهو يقف على المطلات التي تشرف على الحي أو من مقعده في المقاهي التي تقدم القهوة والشاي والمرطبات أو المطاعم الشعبية والمطاعم العصرية المتناثرة في المكان، فضلاً عن الأسواق الشعبية والجو الاحتفالي العام الذي يشارك في صنعه مرتادو المكان. ومما يسهل على الزائر الاستمتاع بنزهته في الحي وجود خدمات جيدة وفي مقدمتها مواقف السيارات. وقد قضيت أمسية رائعة مع الأصدقاء وتسوقنا ثم تناقشنا في حجم القيمة الاقتصادية المضافة من مثل هذا المشروع بعد أن قدَّرنا ما يمكن أن ينفقه رواد المكان وما يمكن أن يتولد من وظائف بسبب النشاط الاقتصادي.
وكنت أسمع عن منتزه الملك سلمان البري، لكنني لم أزره إلا في الأسبوع الماضي. وقد أدهشني حجم المنتزه والطبيعة الجغرافية الرائعة والإقبال الكبير من المواطنين والمقيمين على ارتياد المكان. ويمكن أن يسهم هذا المنتزه في تعزيز الاقتصاد المحلي لمدينة الرياض أضعافاً مضاعفة لو تم تطويره واستغلال مساحته الواسعة لجذب المستثمرين وتنظيم الفعاليات الترفيهية.
ما أكثر الفرص التي يتيحها اقتصادنا الوطني في هذا القطاع وفي مختلف قطاعاته، ولعل ما تم الإعلان عنه من مشروعات جديدة في «القدية» وغيرها بوادر خير لتعزيز الاقتصاد وإسعاد المواطن إن شاء الله.