د. جاسر الحربش
وزير المالية ذكّر رجال الأعمال باحتمال الإفلاس وتحمله لأنه لا عيب في ذلك. المشكلة أنه عند الوصول إلى هذه الحالة يكون الإفلاس قد حل بجميع من يكسبون رزقهم من العمل عند رجال الأعمال.
يجب ألا تراهن أية خطة تحولية على قدرة الثلاثين بالمائة من السكان الذين يستطيعون الانتظار حتى تتضح نتائج الرؤية. هناك سبعون بالمائة قد لا يستطيعون الانتظار لأن ميزانياتهم بدأت منذ الآن بالتآكل. الآباء في هذه السبعين بالمائة يدفعون إيجارات السكن وأسعار المشتقات النفطية وفواتير الماء والكهرباء، وربما قريبا ً تكاليف التخصيص الموعود للتعليم والصحة. الآباء والأمهات العاملات في هذه السبعين بالمائة لديهم أبناء وبنات تعودوا على التكافل الأسري من فوق إلى تحت، عندما كانت الظروف تسمح، بدءا ً من التكاليف المعيشية ووسائل النقل الخاصة وصولا ً إلى التزويج وتأمين السكن. يضاف لذلك أن نسبة العاطلين بين القادرين على العمل تعدت الاثني عشر بالمائة، وهذه نسبة عالية دخلت بالفعل في مسببات العنوسة الذكورية والأنوثية وفي إحباطات الفراغ التي لا يجرؤ أحد على التنبؤ بإفرازاتها الاجتماعية والأخلاقية والأمنية. لن تطول المدة حتى تضاف إلى هذه الأعداد أبناء وبنات السبعين بالمائة الذين كانت الظروف تسمح لأهلهم بالإنفاق عليهم حسب التياسير. انتهى الوقت الذي يستطيع فيه الآباء والأمهات العاملون تحمل أعباء الأسرة.
المواطنون المحسوبون على فئة السبعين بالمائة لهم عيون ترى كيف تعيش الثلاثون بالمائة المحسوبة على الفرقة الناجية، وترى ملايين الأجانب الذين يتحكمون بمقاعد الأعمال والوظائف، ولهم عقول تتعجب من فكرة تطبيع الإقامة للأجنبي بالبطاقة الخضراء مقابل دفع عشرين بالمائة من دخل المقيم الأخضر لصالح الحكومة. المواطن الشاب من الجنسين يتساءل، متى أحصل على التدريب المناسب لأصبح لائقا ً للتوظيف، وكيف أستطيع منافسة المقيم المستمتع بأفضلية الثقة والكفاءة في سوق العمل، ومتى أحصل على سكن لكي أتزوج، ومتى أستطيع مساعدة والدي ووالدتي بدلا ً من الاستمرار عبئا ً عليهم، ومتى أتخلص من هذا الفراغ الهائل الذي ينهش في دماغي وغرائزي لدرجة الإحساس بالوحشة والتوحش.
الموضوع يحتاج إلى تفكير عميق يتعامل بسرعة مع الواقع المنظور وليس مع الأرقام والخطط الموعودة. حتى نحصل على نتائج التحول يتوجب على القادرين مساعدة العاجزين عن الصبر على تحمل الفترة الانتقالية، والله من وراء القصد.