د. فهد صالح عبدالله السلطان
كل العقوبات التي تقع على المؤمن في الدنيا جراء ارتكابه لذب أو خطيئة في شريعتنا عقوبات إيجابية. بعضها لازم يفيد المعاقَب (بفتح القاف) وبعضها متعد يعين ويساعد طرفاً أو أطرافاً أخرى. فعلى سبيل المثال لا الحصر تركز عقوبات الحنث باليمين على الصوم (منفعة لازمة) والصدقة (منفعة متعدية)، وعقوبة القتل غير المتعمد بالصوم (منفعة لازمة) أو اعتاق رقبة (منفعة متعدية). أي أن المسلم يعفى من الخطأ أو الذنب بالإحسان إلى نفسه وتقديم العون والمنفعة لغيره. وطالما أننا مأمورون باتباع النهج القويم لديننا العظيم، ومن منطلق تحويل الأخطاء والهفوات المدنية البسيطة إلى منافع اجتماعية فقد يكون من المناسب صياغة برنامج ولائحة تقوم على تحويل عقوبات بعض الأخطاء المدنية العامة التي تقتضي السجن إلى منافع اجتماعية. يشمل ذلك العقوبات التي توقع على مخالفي بعض أنظمة المرور والبلديات وهيئة الأمر بالمعروف...الخ، ويمكن تحديد من 20 إلى30 نشاطاً اجتماعياً متدرجة من الأسهل إلى الصعب تمثل أعمالاً يقوم بها من ارتكب خطأ ثانوياً بحق المجتمع. الأمر الذي من شأنه تحويل العقوبة إلى منفعة اجتماعية.
برنامج مثل هذا من شأنه أن يسهم في تحقيق الأهداف التالية:
1 - تحقيق الهدف من العقوبات ولكن بطريقة إيجابية تعود على المخالف وعلى المجتمع بمنافع متعددة.
2 - تخفيف تكاليف تشغيل السجون.
3 - تأصيل ثقافة العناية بالمرافق العامة والانتماء الوطني.
4 - تدريب الشباب على القيام ببعض الأعمال الاجتماعية وتأصيل ثقافة ممارسة الأعمال المتواضعة أو المهينة في نظرهم.
5 - تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية من خلال قيام المعاقب ببعض الأنشطة ذات القيمة المضافة.
6 - تأصيل ثقافة أهمية الوقت والعناية به والاستثمار الإيجابي له.
وباختصار فقد يكون من المناسب صياغة برنامج وطني لتحديد عدد من عقوبات الأخطاء العامة ووضع العقوبات الإيجابية لها.
والله الهادي إلى سواء السبيل.