د. أحمد الفراج
يقول عنترة بن شداد: «إني أضرب الجبان ضربة ينخلع لها قلب الشجاع»، وذلك حين سئل عن سر هيبته وشجاعته، فهل يا ترى كان الرئيس ترمب يعرف عنترة، أم هل كان هناك «عنترة» غربي، تحدث عنه التراث الغربي، وأصبح ملهما لترمب؟!، لأن ترمب طبق المقولة العنترية، عندما أعطى أوامره بدك قاعدة الشعيرات السورية بصواريخ توماهاك المرعبة، ومع أن هذه تعتبر ضربة عسكرية معتبرة بالمعايير العسكرية، حسب تصريح الجنرال، جيمس ماتيس، وزير الدفاع، وكبار جنرالات الجيش الأمريكي، إلا أنها كانت رسالة عنترية لأكثر من طرف، من الشجعان الذين وقفوا خلف نظام سوريا، وتفننوا في بطولات وهمية، ضد الشيوخ والنساء والأطفال على أرض الشام، خصوصا وأن القوة العسكرية الأمريكية صدئت طوال فترة حكم أوباما، الذي اعتقد أنه يستطيع أن يحل مشاكل العالم بالرقص مع الشياطين، وتجاهل أن الشياطين كانت تتراقص به، وتتلاعب بالقوة العظمى، وسيذكر المؤرخون أن قاسم سليماني كان يتمخطر في أزقة الشام، في الوقت الذي كانت البحرية الإيرانية تتفنن في إذلال جنود أمريكيين، بعدما خذلهم أوباما، وتجاهل العقد الأمريكي الخالد: «حماية أي مواطن أمريكي فوق أي أرض وتحت أي سماء»!.
الرئيس ترمب وعد ناخبيه بأنه سوف يمسح إرث أوباما، ولم يكن سياسي أمريكي يميني، مثل ترمب، ليفوت فرصة إعادة هيبة أمريكا، التي أتاح أوباما لخصومها أن يدنسوها بالوحل، ثم جاءت الفرصة، واهتبلها ترمب، ولم تكن ضربته لنظام بشار الأسد إلا لإخافة الشجعان من خلفه، ونعني هنا قيصر موسكو، الذي أتاح له أوباما الفرصة، ليعيد أحلام استعادة مجد الإمبراطورية الروسية، فقد كان عهد أوباما هو الفرصة التي كان ينتظرها القيصر، فاقتطع جزءا من أوكرانيا، ثم احتل سوريا رسميا، علاوة على تسيده في معظم أرجاء المعمورة، كما كانت صواريخ التوموهاك رسالة لطهران، بأن هناك جنرالا جديدا في جادة بنسلفانيا، وهذا الجنرال ليس كسلفه، الذي كان يرتعد من مرشد إيران، ويخطب وده، ولم يكتف ترمب بكل هذا، بل أرسل مساعديه إلى من يعنيهم الأمر، ليشرحوا لهم ما لم تشرحه الصواريخ المرسلة، والرسالة واضحة: «لقد تغيرت قواعد اللعبة، فلتتغير استراتيجياتكم تبعا لذلك، وإلا فلن يلام جنرال واشنطن فيما يفعل»، ويبدو من خلال الرصد والمتابعة أن الرسالة وصلت، ولا زالت أصداؤها تتردد!.