الأمم المتحدة - واس:
جدَّدت المملكة العربية السعودية تأكيد موقفها الثابت في دعم الشعب الفلسطيني ومساندته للحصول على حقوقه غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة.
جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية أمام مجلس الأمن الدولي أمس الأول حول بند المناقشة المفتوحة بشأن «الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك المسألة الفلسطينية»، ألقاها معالي مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله بن يحيى المعلمي.
وعبَّر معاليه في بداية الكلمة عن تهنئته لسفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى المنظمة الدولية على توليها مهام منصبها الجديد في إدارة الرئيس دونالد ترامب، وقال: «إنني على ثقة بأن العلاقات التاريخية بين بلدينا سوف تشهد مزيدًا من التفاهم والتقارب والتعاون وفقًا لما يربطنا من مصالح وقيم مشتركة. كما أود أن أهنئك على توليك رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر. ولقد شاهدنا في الأيام والأسابيع الماضية روحًا جديدة ونظرة ناقدة، تهدف إلى التطوير وإعادة النظر في بعض ما يمكن أن يكون قد أُخذ في عداد المسلَّمات».
وتابع معاليه قائلاً: «كما أشكركم على الدعوة إلى عقد هذه المناقشة المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية التي هي - بلا شك - محور الصراع في المنطقة، ونقطة الارتكاز لكل النزاعات فيها؛ إذ تحولت المظلمة التاريخية التي وقعت على الشعب الفلسطيني إلى حائط يتباكي عنده الإرهابيون ومن يناصرهم، والورقة التي تتاجر بها الأنظمة الفاسدة، مثل النظام الإيراني ونظام الأسد وأدواتها العاملة، مثل حزب الله الإرهابي».
وأضاف السفير المعلمي: «إن المملكة العربية السعودية تؤكد مجددًا موقفها الثابت المتمثل في دعم الشعب الفلسطيني ومساندته للحصول على حقوقه غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على كل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967م، بما فيها القدس الشريف، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة والمعايير والمبادئ القانونية الدولية. كما تدعو المملكة إسرائيل إلى الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك الجولان العربي السوري المحتل ومزارع شبعا اللبنانية، والكف عن بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية باعتبارها مستوطنات غير شرعية، وتشكل عقبة كأداء في طريق السلام».
واستطرد معالي مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله بن يحيى المعلمي قائلاً: «لم تكتفِ المملكة بتأكيد دعمها للأشقاء الفلسطينيين، بل اتخذت مواقف عملية للدعوة إلى السلام وتحقيقه. وفي هذا الشأن قدمت المملكة العربية السعودية مبادرتها التاريخية للسلام التي تبنتها قمة بيروت العربية في عام 2002م، وأصبحت مبادرة عربية للسلام، اعتمدتها منظمة التعاون الإسلامي؛ فمثلت منعطفًا تاريخيًّا مهمًّا في مسار العملية السلمية، وأسست لمرحلة جديدة لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي، ووضع الأساس لسلام شامل عادل، ينعم فيه الفلسطينيون والإسرائيليون وجميع شعوب المنطقة بالأمن والسلم والرخاء والتنمية. ولقد جاء إعلان عمَّان الصادر عن اجتماع قمة الدول العربية الأخير في شهر مارس الماضي ليجدد تأكيد هذه المبادرة، وليعزز التزام الجانب العربي بها، الذي ما زال يمد يده نحو التفاهم والتفاوض الجاد، وينتظر من الجانب الإسرائيلي أن يبادر إلى الاستجابة باليد الممدودة للسلام».
وفي الشأن السوري، قال السفير المعلمي: «لقد شهدنا في الأيام والأسابيع القليلة الماضية تطورات خطيرة في المأساة السورية، تتمثل في إقدام السلطات السورية الاستمرار في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد أبناء شعبها، ولا تزال قوات الحرس الثوري الإيراني والمليشيات الطائفية الإرهابية - وعلى رأسها حزب الله - تستخف بأرواح البشر وكرامتهم، وتمارس القتل والتهجير والحصار بطريقة بشعة، لا تبالي بما توصلت إليه الأطراف، برعاية دولية من اتفاق لوقف العمليات العدائية. كما أن استمرار مجلس الأمن في الإخفاق بسبب الاستخدام الجائر لحق النقض في اتخاذ الخطوات العملية اللازمة لإدانة المتسببين في هذه الأعمال، والعمل على محاسبتهم، قد أكسب هؤلاء شعورًا بالحصانة بأن بإمكانهم أن يفعلوا ما يشاؤون دون محاسبة أو مسؤولة، ولكن التاريخ يعلمنا بأن الكلمة الأخيرة هي دائمًا للحق، وأن الباطل لا يمكن له أن يدوم، وأن نضال الشعب السوري وتطلعه نحو الحرية والكرامة لا بد أن ينتصر ولو بعد حين».
وتابع قائلاً: «لقد أعربت المملكة العربية السعودية عن تأييدها للعمليات العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة ضد أهداف عسكرية في سوريا، انطلق منها الهجوم على خان شيخون بالأسلحة الكيميائية. والمملكة تؤكد أهمية أن يستمر المجتمع الدولي في الوقوف بحزم وصلابة ضد أعمال القتل والحصار والتجويع والتهجير القسري والتطهير المذهبي التي ما زالت تمارسها السلطات السورية. ولقد أسهمت هذه الممارسات في إتاحة الفرصة للتنظيمات الإرهابية، مثل داعش والنصرة، للتمدد في ظل فراغ السلطة، وما يشبه الشراكة في محاربة الشعب السوري. وإن المملكة العربية السعودية تعيد تأكيد استعدادها للمشاركة في أي جهد دولي مشترك للقضاء على هذه الجماعات الإرهابية حيثما وُجدت».
وقال المعلمي في الكلمة: «يجدد وفد المملكة دعمه لجهود المبعوث الأممي في سوريا ستيفان دي ميستورا في إطار ولايته الممنوحة له وفقًا لقرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254 الذي أرسى خارطة الطريق للمفاوضات السياسية الرسمية حول الانتقال السياسي. وتدعو المملكة العربية السعودية جميع الأطراف إلى التعاون على التطبيق الفوري لبيان جنيف (1)، بما في ذلك العمل على تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية واسعة، تعمل على تأسيس سوريا المستقبل، سوريا التي تتسع لكل أبنائها المخلصين، سوريا التي تنبذ الإرهاب، وترفض العنف، وتترفع عن التعصب والتطرف».
وفيما يتعلق بإيران قال معاليه: «لقد كنا نتمنى أن يؤدي الاتفاق النووي الدولي مع إيران إلى وضع حد للبرنامج النووي الإيراني، ودفع إيران إلى التخلي عن تطلعها نحو التسلح النووي، وإلى تعديل سلوكها مع جيرانها وفي المجتمع الدولي؛ فتنبذ الإرهاب، وتتخلى عن العنف، وتمتنع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، وتحترم سيادة تلك الدول ووحدتها، إلا أننا - مع الأسف - ما زلنا نشهد في كل يوم دلائل متجددة على استخفاف إيران بكل هذه القيم والمبادئ، وتهاونًا بالأعراف الدبلوماسية، حتى أن مقار البعثات الدبلوماسية السعودية لم تسلم من الاعتداء والتخريب، فضلاً عن استمرار إيران في دعم المليشيات الطائفية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وسعيها نحو إيجاد نسخ متكررة من حزب الله الإرهابي في كل مكان، وتدخلها في الشؤون الداخلية للمملكة ولمملكة البحرين. وإننا نطالب إيران بالكف عن هذا السلوك غير المسؤول، وبضرورة العودة إلى المجتمع الدولي، واحترام قوانينه وأعرافه، والعمل على تحقيق تطلعات شعبها في التنمية والرخاء بدلاً من السعي إلى زعزعة الأمن والاستقرار ودعم الإرهاب في كل مكان».