خالد بن حمد المالك
ها هي الرؤية 2030 تنهي عامها الأول، وتدلف بعد غدٍ إلى العام الثاني من عمرها، وقد ولد عنها برنامج التحول الوطني، ثم المبادرات من كل قطاع ووزارة، في تفاعل تم برتم سريع، وتركيز على الأهم قبل المهم، ومتابعة من القيادة لمدى استجابة كل المبادرات للأهداف التي تتناغم مع أهداف الرؤية.
* *
تذكروا أنه قبل الإعلان عن الرؤية، وقبل الإعلان عن انطلاقتها، وقبل الإعلان عن التفاصيل والمعلومات المصاحبة لها، أن عرابها الأمير محمد بن سلمان عقد ورش عمل مع الوزراء والمسؤولين وجمعهم بنخبة من المواطنين في القطاعَيْن الخاص والعام في ورش عمل، اتسمت الجلسات فيها بالشفافية والجدية والصراحة وإبداء الآراء دون تحفظ.
* *
وتذكروا أنه ما إن أعلن خادم الحرمين الشريفين عن موافقته عليها، ومباركته لها، كان قد وجه بأن يتحدث كل وزير عن المبادرات التي ستقوم بها وزارته أمام شاشات التلفزيون، وبحضور وسائل الإعلام والإعلاميين، وأن ما تحدثوا به تنفيذاً لأمره الكريم نقل على الهواء مباشرة، وأخضع للسؤال والجواب والمداخلات من قبل الإعلاميين في جو إعلامي منفتح، عزز الثقة في الرؤية، وما سيتم إنجازه من مبادرات تحت مظلتها.
* *
أعيدوا النظر، وفكروا جيداً في المستجدات والمتغيرات التي رافقت ولادة الرؤية اجتماعياً واقتصادياً وتعليمياً وسياسياً، والجدل الطويل، والمناقشات المستمرة حول مضامينها، بما لم نعهده من قبل من حيث الصراحة والوضوح، وتقبل القيادة لكل ما قيل، وفرزه بشكل علمي دقيق، بما جعل من كل وجهات النظر الإيجابية عاملاً مساعداً في إنجاح الرؤية، وانطلاق المبادرات إلى اليوم.
* *
أجمل ما في الرؤية أنها وضعت المواطن أمام سكة واضحة المعالم للعبور منها إلى المستقبل الجديد في ظل تحديات كثيرة، لا يمكن تجاوزها بدون التخطيط المبرمج للمستقبل المنشود، حيث أصبح المواطن ضمن أهداف الرؤية حاضراً وغير مغيب، وأنه شريك في نجاحها وفشلها -لا سمح الله- أيضاً، ما يعني أن عليه أن يتحمل مسؤوليته ضمن الإطار الذي رسمته وأعلن عنه.
* *
والأكيد أن محاسبة الرؤية عن نتائجها في عام واحد هو عمل غير صحيح، فالنتائج وإن ظهر لنا بعضها، لا يمكن أن تكتمل إلا بانتهاء الفترة المحددة لها، لأن ما هو متوقع ومنتظر ومخطط له أكثر بكثير مما نراه قد تحقق بشكل جيد، كبدايات للعصف الاقتصادي الذي تسعى الرؤية له، بأمل أن يكون التحول المنشود بأكثر مما أفصحت عنه المعلومات التي أعلن عنها.
* *
أمام كل ذلك، فإن ما هو مطلوب منا كمواطنين، أن نتجنب التشكيك، ولا نلقي بالاً للإشاعات، وأن نكون ضد أي ممارسات تتسم بالإحباط، أو تحاول التقليل من أهمية الرؤية في تحقيقها ما لم يتحقق في سنوات مضت في بناء الدولة وتوفير الرفاهية للمواطنين، مع أن ما تم إنجازه في حقب سابقة كثير ومهم، ويمكن لنا أن نراه رأي العين في كل مدينة وقرية، ونبني عليه مستقبلنا وفق الرؤية الجديدة.
* *
ومن المهم أيضاً ألا نستعجل النتائج، وأن نبتعد عن محاكمة الرؤية وهي في مرحلة التخطيط، والابتعاد عن التشكيك في برامجها ومبادراتها، وإعطاء الرؤية حقها من الوقت كي نكون في آرائنا ووجهات نظرنا واقعيين في تلمس نتائجها، وإبداء الرأي فيها، هذا هو حق الرؤية علينا وحق من ولدت الرؤية من بنات أفكاره، فهي وإن لم تكن في مأمن النقد، وإبداء وجهات النظر فيها، إلا أن نقدها ينبغي أن يكون وفق ضوابط موضوعية، وبالتوجيه الصادق في التعامل معها، والحرص على نجاحها.
* *
إن أكبر خطأ نرتكبه حين نرفض التغيير، أو نشكك في أي تجديد، أو حين نحاول أن نعيق تنفيذ أي أفكار جديدة نحاكي بها ما نجح من أفكار لدى الدول العظمى، وأفضل لنا أن نساعد المخططين بأفكارنا، ونشد على أيديهم بما لدينا من وجهات نظر، وأن نكون إلى جانبهم، نتعرف منهم على ما خفي علينا، ونستزيد منهم ما نقص لدينا من معلومات، وذلك لكي يكون قولنا عن علم وفهم وإدراك، ونقدنا معتمداً على متابعة دقيقة لمخرجات الرؤية وبرامجها ومبادراتها.