د.عبدالعزيز الجار الله
الحديث الذي قدمه د. عبدالعزيز اللعبون أستاذ الجيولوجيا في لقاء جمعية العلوم بمكة المكرمة، في إطار اهتمام رؤية 2030 بالإنسان وتراثه وثروته بالمملكة العربية السعودية، وكشفه عن مخزون أرض الجزيرة العربية من كنوز جيولوجية وتاريخية وحضارية يجعلنا نطيل النظر فيما يقدمه د. اللعبون، لأن حديثه ينسجم ويتلاقى مع رؤية المملكة التي من أهدافها إعادة اكتشاف خزائن السعودية بلا نفط، حيث سيطرت سنوات الثمانين عاماً الماضية منذ اكتشاف النفط في السعودية بكميات اقتصادية عام 1938م على المشهد المالي والاقتصادي والثقافي والحضاري، حتى أصبحت السعودية والخليج تعيش مرحلة النفط، أي مئة عام من النفط دون أن نفكر بما بعد حقبة النفط، حتى جاء ولي ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان وبتوفيق من الله ليطرح المبادرة والخطة والحلم السعودي في مرحلة ما بعد النفط.
الإمارات العربية (دبي) سبقت دول الخليج بالتفكير خارج دوائر آبار النفط، في محاولة لخلق اقتصاد خارج منصات وناقلات النفط وشركات النفط العملاقة، واختارت الاقتصاد الذي يقوم على السياحة والترفية لشعوب غرب آسيا، استبدلت سفن النفط الضخمة بطائرات السياحة العملاقة، لتجعل اقتصادها الذي يقوم على السياحة (ديمومياً) طوال العام، وليس موسمياً، بتعاقب المواسم في العطل والصيف لسكان الخليج، وفي الربيع لشرق العالم، وفي الشتاء لدول أوروبا للبحث عن المياه الدافئة والبلاد المشمسة. دبي طرحت نفسها في الصيف والشتاء والصبح والليل لجذب كل المجموعات الاقتصادية والسياحية.
أما نحن في السعودية فمرتكز رؤية 2030 تقوم على استثمار موجودات ما تحت الأرض وباطنها القريب من سطحها وما فوق سطحها، ود. اللعبون خبير جيولوجي مع العديد من الخبراء وأساتذة الجيولوجيا في السعودية وخارجها قادرون على رسم خريطة للرؤية توضح حجم مخزونات الأرض من نفط وغاز ومياه ومعادن وأحجار نفيسة وصخور تجارية، ليس فقط الكشف الجيولوجي وإنما الكشف الجيولوجي الاقتصادي الموجه وفق الرؤية السعودية، وهذا ما نحتاجه من كل وزارة وبخاصة من وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية التي تعد أحد عَصب الرؤية، وأيضاً هي مجالات عمل الجيولوجيا بمشاركة الجامعات من خلال كليات العلوم وتخصصاتها في مجال النفط والغاز والمعادن.
ما يطرحه د. اللعبون لأكثر من (30) سنة وزملاء دربه في هذا المجال ليس للتداول الإعلامي، أيضاً ليس من المعقول جعل طروحات كليات العلوم بالجامعات السعودية شأناً أكاديمياً دون استثماره ودون ربطه بالواقع المعاش، حتى أنه تم تهميش مادتي الجيولوجيا والجغرافيا في المدارس والجامعات باعتبارهما من الموضوعات الهامشية ولا تناسب سوق العمل.