تقرير - صيغة الشمري:
هناك تفاؤل كبير يسود أجواء جميع النساء السعوديات في عصر قيادة رشيدة تسعى لمراجعة الكثير من القرارات والقوانين التي تعيق مجتمعنا واقتصادنا في إطار رؤية 2030، وأولها كل ما يعيق تمكين المرأة، في مجتمع سعودي وصل عدد سكانه لأكثر من 31 مليون نسمة تشكل منه المرأة السعودية نصفه بالتمام والكمال، أي أن هناك 15 مليون سيدة سعودية، وتحقق نظرية أنها نصف الرجل بالأرقام وليس بالكلام، النساء السعوديات يمتلكن ما يقارب 85 جمعية خيرية من أصل 748 جمعية، و45 مليار ريال في البنوك السعودية، و130 مليار ريال في السوق العقارية السعودية، 20 في المائة من السجلات التجارية في السعودية بأسماء نساء، أي أن هناك 20 ألف شركة ومؤسسة تجارية تمتلكها نساء سعوديات، 40 في المائة من الأطباء السعوديين نساء، تمتلك سيدات الأعمال السعوديات نسبة تصل إلى 75 في المائة من مدخرات المصارف السعودية، وهو الرقم الصعب الذي يجب أخذه بعين الاعتبار والنظر بجدية لمشروع تمكين المرأة. لذلك في هذا التقرير سنتحدث بحسب أهمية هذه الأرقام التي تؤدي إلى حقائق تدعونا للكثير من التفاؤل بقيادتنا وحكومتنا الرشيدة - حفظها الله.
فلسفة تمكين المرأة بين الحلم والواقع!
كثير من الناس ينظر لتمكين المرأة على أنه يحتاج لسنوات طويلة لتحقيقه كمشروع على أرض الواقع في السعودية، هذه النظرة تمثل قمة التشاؤم والسلبية تجاه مجتمع ذاهب إلى التطور والتصحيح بكل قوة وإصرار، تمكين المرأة مصطلح فضفاض يمكن استخدامه بحسب الهدف منه وبحسب مفهومك إليه، أوروبا مثلاً عندما نظروا لتمكين المرأة من منطلق المساواة الوظيفية وجدوا أن المرأة لن تستطيع أن تتساوى مع الرجل في هذا المجال إلا بعد سبعين عاماً، وهم مجتمع غربي لا يفرق بين امرأة ورجل، ليس في ثقافته أي تمييز عنصري يعتمد على الجنس، ولكنهم ما زالوا يعانون في مسألة تمكين المرأة وتعترضهم الكثير من العوائق التي يحاولون تجاوزها وتستغرق منهم سبعين كاملة حتى يستطيعوا القول إنهم تمكنوا من الانتهاء من مشكلة تمكين المرأة، لذلك يجب تناول موضوع تمكين المرأة بشكل واقعي جداً وحكيم، والاستفادة من تجارب المجتمعات الأخرى في هذا المجال، فنحن قبل ذلك لا بد من الانتهاء من مشكلة تمكين المرأة من خلال منحها حقوقها الشرعية التي سنتها شريعة الله، تمكين ربة البيت من حقوقها قبل تمكين المرأة العاملة، ليس هناك حقوق تفوق الحقوق الشرعية للمرأة، لا بد من تحقيق حلم تمكين المرأة من خلال عدد من الخطوات المتدرجة التي بتحقيقها ستوصلنا نحو رؤية تمكين المرأة بشكل حقيقي وليس بشكل اعتباري يشبه الشكل الجمالي الهش لضرورة مباهاة الأمم الأخرى، لدينا خطوات إيجابية نحو تمكين المرأة ولدينا معوقات أكثر ولكن الواقعية هي الطريق الوحيد لتحقيق هذا الحلم الجميل الذي سيضفي صورة أكثر لصورة بلادنا أمام الأمم الأخرى.
تمكين المرأة يحتاج إلى (هيئة)
على غرار القرار الحكومي الحكيم والمؤثر بإنشاء هيئة تهتم بالترفية وإدارة الترفية وجعله مشروعاً وطنياً حضارياً وداعماً للنهوض الحضاري الذي تعيشه بلادنا في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، وولي عهده، وولي ولي عهده -حفظهما الله-، نتمنى نحن نساء هذا الوطن الغالي بسرعة إنشاء هيئة تمكين المرأة السعودية، هذا القرار الذي يكون من القرارات التاريخية والمهمة في ظل قيادة عودتنا على اتخاذ أي قرار يدعم اقتصاد بلادنا ويحمي مقدرات المجتمع السعودي الذي أصبح حماية اقتصاده أكثر أهمية من قبل، خصوصاً في ظل انحسار الاقتصاد العالمي، ولم يعد هناك مجال للانتظار والتمهل في اتخاذ أي قرار يحمي اقتصادنا ويدعم نهضتنا اجتماعياً واقتصادياً، أعتقد أن أكثر من 15 مليون سيدة سعودية بحاجة ماسة لإنشاء هيئة تمكين تحمي حقوقهن وتدفعهن لأداء واجبهن، حيث هناك تباين إداري وقانوني بين المرأة والرجل في السعودية لن يتم تلافيه إلا بوجود هيئة تضمن تحقيق نتائج اقتصادية واجتماعية فوق المتوقع، ومن الصعب تحقيق نجاحات كبيرة في مجال تمكين المرأة السعودية دون إنشاء هيئة تتكفل بذلك، بحيث تقود هذا المشروع الوطني الضخم الذي هو كفيل بنقلنا نحو مراحل متقدمة بين دول العالم التي تتنافس نحو تحقيق نجاحات في مجال تمكين المرأة بالمجالات كافة، حيث احتلت المملكة المرتبة 105 عن تمكين المرأة في مجال التعليم، والمرتبة 128 عن الصحة، في تقرير التنمية الصادر عن الأمم المتحدة.
العمل على عودة الأموال النسائية المهاجرة
من أهم خطوات تمكين المرأة في السعودية احتواء سيدات الأعمال السعوديات اللاتي يتاجرن بأكثر من خمسة عشر مليار ريال سعودي في الخارج، لا لسبب آخر غير عدم تمكينهن من إدارة أعمالهن بأنفسهن وإجبارهن على وجود رجل يملك حق التوقيع عنهن، وهي خطوة ضرورية لا بد من حلها بشكل جذري غير قابل للجدل، جميع الحجج والأعذار التي تستخدم لمنع حل هذه المشكلة هي واهية وغير مقبولة لا شرعاً ولا اجتماعياً ولا عرفاً، استعادة الأموال النسائية الطائلة ستؤدي إلى سن قوانين تجارية تفيد في تمكين المرأة السعودية من الناحية التجارية بشكل كامل، وهو هاجس يهم أكثر من خمسة عشر مليون سيدة سعودية، بدءاً من ربة البيت وانتهاء بمن ترأس مجلس إدارة شركة عملاقة، كون هذا الجانب التجاري المتعثر عندما يتم تصحيحه سيؤدي إلى استقطاب الملايين من السعوديات اللاتي يملكن أموالاً لا يستفدن منها لأنهن لا يستطعن إدارتها بشكل مباشر في سوق العمل، فحل مشكلات سيدات الأعمال السعوديات صاحبات الاستثمارات الخارجية هو أول خطوة ناجحة في مجال تمكين المرأة السعودية- من وجهة نظري، مع الوضع في عين الاعتبار بأنهن يحتجن إلى ضمانات أكيدة وقوية فيما يخص هذا المجال ويخيفهن أن الكثير من القرارات التجارية لا تطبق على أرض الواقع حتى لو كان هناك قانون تجاري ينص عليها. سيدات الأعمال السعوديات يجب النظر لهن نظرة تختلف تماماً عن غيرهن ومنحهن حقوقهن كاملة وإخراجهن من جميع نظريات المعطلين الذي يرى وجود المرأة مفسدة وهو لا يعلم أن أغلبهن أصبحن من قواعد النساء اللاتي يتمتعن بقوانين مرنة تمنح لهن دون سواهن من باقي النساء.
تمكين المرأة والقرارات
لا شك أن السعي نحو الكمال هو أمر شاق ويحتاج إلى صبر، فما بالك فيما يخص موضوع تمكين المرأة، الواقعية مطلوبة لكن في الأشياء التي تكون ضد العقل والشرع يجب حلها أولاً بشكل جذري، وهو أمور بسيطة لا يشكل تطبيقها أو إقرارها عائقاً ومردودها الإيجابي على المجتمع كبير ومؤثر، فمثلاً إسناد أمر قيادة النقل الجامعي للطالبات أو سيارة نقل المعلمات لسائق رجل أمر يناقض العقل والشرع، كيف تسمح لرجل بأن يقوم بالاختلاء بنساء عبر طرق طويلة وخالية، وكثير من المفاسد حدثت بسبب سائق رجل تفوق المفاسد التي من أجلها تم منع المرأة من قيادة السيارة، كذلك في المشروعات التي تختص بالنساء فقط مثل مراكز التسويق والتجميل يجب منح المرأة حق التوقيع دون إجبارها على وجود وكيل أو ولي، كذلك حماية المرأة العاملة من قدرة ولي أمرها على سحبها من عملها دون إرادتها، كذلك النظر للمشكلات التجارية التي لا حصر لها، والتي تجد المرأة السعودية نفسها مهددة بالسجن وعلى كاهلها ديون مالية ثقيلة بسبب أنه أجبرت من قبل زوجها على فتح مؤسسة أو شركة باسمها، ومن ثم منحت زوجها إدارتها غصباً عنها أو درءاً للمشكلات، لتجد نفسها وهي في مواجهة مصيرها الأسود دون أن تجد مساندة من أولئك الذين أعطوا الزوج أحقية قانونية وأعاقت المرأة من إدارة أمورها التجارية بنفسها، لا توجد امرأة سعودية إلا من رحم ربي وقد قدمت تضحية مالية أو تجارية لكسب حياة أسرية هادية، عندما تتورط امرأة سعودية بزوج فتح مؤسسة باسمها وورطها بالديون واحتمال السجن، تبدأ بعد ذلك باللجوء للقضاء الذي هو الآخر يتورط بحالة قانونية شائكة هو الذي أسام بها من الأساس!
مفارقات وتناقضات تعيق المرأة
تجد المرأة السعودية عدداً من المتناقضات بين قرارات عدة تعيق طريقها وليس لهذه القوانين أي مبرر، تناقضات بعضها شرعي وبعضها اجتماعي دون أن تجد من يحلها بشكل جذري، متناقضات متروكة منذ عشرات السنين على حالها، تزداد تعقيداً مع تقدم الزمن وتطور المجتمع وتغيرات الحياة تشبه تلك بعض القوانين التي تعيق الرجل ولكنه تمكن من حلها لأنه رجل يتواجد في دائرة القرار. مشكلة قرار عمل المرأة كمحاسب أو (كاشير) تمت محاربته اجتماعياً بحجة اختلاط المرأة بالرجل، بينما المرأة التي تم منعها من العمل ككاشير هي نفسها التي تتعامل مع كاشير رجل، وكأن الاختلاط لا يحدث إلا إذا كانت المرأة تعمل ككاشير بينما المرأة كزبون وتتعامل مع كاشير رجل لا يتم اعتباره من أمور الاختلاط، مع أن الأمر سيان لا فرق بينهما.
رياضة المرأة والتمكين الذي لن يتوقف
مجرد إقرار رياضة المرأة وتعيين صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان كوكيلة لرئيس الهيئة العامة للرياضة للقسم النسائي في السعودية أصبح الحلم مشرعاً على مصراعيه والأمل كبيراً في أفئدة جميع النساء السعوديات دون استثناء، حيث الرياضة ضرورة حياة ولم تعد أمراً يمكن الاستغناء عنه، لاسيما وأمراض الضغط والسكر تستنزف من ميزانية الدولة أكثر من خمسة مليارات ريال فيما يخص النساء المريضات فقط، هذا عدا الرجال، هو قرار يمثل قيادتنا الرشيدة - حفظها الله - التي أصبحت تتلمس الاحتياجات الحقيقية للمجتمع وتبحث عن بناء مجتمع حقيقي يتجه للحضارة والنماء بكل قوة وإصرار.