هناك من البشر من يمرون مرورا عابرا بحياتك، وهناك من يترك فيها أثرا أو صدًى طيبا، فمسيرة حياتنا هي انعكاس لأثر الآخرين فيها، فنحن جميعا ندين في الكثير من جوانب حياتنا للعديد من الشخصيات المضيئة التي لا يمكن نسيانها مع الزمن؛ أولئك الذين يطبعون في نفوسنا ذكريات لا تنسى وتظل معنا إلى آخر العمر. فمن طبيعة الذكريات المؤثرة في الحياة أن تظل حية في نفوسنا، لأنها تكون عند ذلك جزءاً من التكوين الثقافي والتربوي لذواتنا، واليوم إذ تعود بي الذكريات إلى أيام الدراسة والطلب في ثانوية اليمامة بمدينة الرياض، يغمرني فرح حقيقي بذكرى لقاء سعيد مع زملائي الطلاب استمتعت فيه بحياة مدرسية رائعة في ظل رعاية المربي الجليل الأستاذ عبدالرحمن بن سعود العجاجي، حيث كنت أحد الطلاب المحظوظين بوجوده مديرا لثانوية اليمامة بالرياض. كنا في ذلك الزمن الجميل نمر بمرحلة تكوين تربوي عبر تحولات كبرى لمسار منظومة التعليم في المملكة. وكان الرهان الأكبر في العملية التعليمية، في ذلك الوقت، يقوم على الكفاءة الفذة لمعلمين وأساتذة تولوا قيادة العمل التعليمي والتربوي بنزاهة مشهودة وإخلاص حقيقي كان لهما أكبر الأثر في تقويم حياتنا التربوية والتعليمية، وتسديد خطانا في مراحل التعليم اللاحقة.
وأشهد أن أستاذي المربي الجليل عبدالرحمن بن سعود العجاجي، كان الشخصية المحورية في ثانوية اليمامة بما توفر عليه من قدرات تربوية فذة، وعلاقات أبوية حانية مع الطلاب لعبت دورا كبيرا في تسجيل مواقف وتوجيهات طبعت سلوكنا الطلابي وحفزتنا بشوق نحو العلم والمعرفة والحياة في ذلك الزمن.
بطبيعة الحال، في كل طالب أثر من قدوة لمربي جليل، وقد كان الأستاذ عبدالرحمن العجاجي صاحب هذا الأثر الذي لا يُنسى في حياتنا المدرسية بثانوية اليمامة في مدينة الرياض.
إن الحياة تعليم وتعلم، وإذا ما جاز لي القول فإن هذه العلاقة بين التعليم والتعلم كانت تمثيلا عميقا لعلاقتنا مع أستاذنا الفاضل عبدالرحمن بن سعود العجاجي، فهو صاحب الحظ الأوفر في القيام بمهمة التعليم والتربية خير قيام. وبما أن المعلم هو روح العملية التعليمية وجوهرها فقد كنا في ثانوية الرياض نرى تلك الروح متجسدة في نموذج القدوة الذي كنا نراه في أستاذنا عبدالرحمن العجاجي الذي انعكس بعمق في حياتنا الطلابية -آنذاك-.
وعلى نحو شخصي فلقد لقيت من أستاذي عبدالرحمن بن سعود العجاجي، ما كنت في أشد الحاجة إليه في ثانوية الرياض حيث كان بالنسبة لي المرشد النبيل، والموجه الحصيف الذي غرس في نفسي مزيجا فريدا من القيم والأخلاق والمفاهيم لعبت دورا كبيرا في تسديد مسار حياتي ورسم خطوات المستقبل لمساري التعليمي قد لا يدرك الطالب إدراكا كاملا الجهود العظيمة التي يبذلها مربون كبار من أمثال أستاذنا عبدالرحمن بن سعود العجاجي، مع طلابهم إلا بعد أن يمر بمراحل متقدمة في حياته العملية، فيشعر عند ذلك بالامتنان الكبير الذي يعكس في نفسه صدًى عميقا من التقدير للتك الجهود المباركة.
إن العملية التربوية هي الرهان الوحيد لتهذيب الإنسان وترقيته نحو القيم الإنسانية التي تليق به. لأن حياة الإنسانية في حقيقتها هي سباق طويل بين التربية والكارثة.
إن تكريم الأستاذ عبدالرحمن بن سعود العجاجي من أهلنا وأحبابنا في ضرماء هو تكريم لرمز يستحق منا التكريم استحقاقا مطلقا، وهو كذلك تكريم لأسمى ما فينا من قيم إنسانية. فالإنسان لا تستوي إنسانيته إلا بمعياري التربية والتعليم. وسنكون دائما بخير ما دمنا قادرين على الاحتفاء والتكريم لكل رموزنا في التربية والتعليم وفي سائر مجالات حياتنا.
أتمنى من الله أن يوفقنا للخير والسداد، وأن يمتع أستاذنا عبدالرحمن بن سعود العجاجي بالصحة والعافية وأن يجزيه عنا خير الجزاء لما قدم لنا من قدوة صالحة ومثالا كريما للمعلم النبيل.
فيصل بن عبد الرحمن بن معمر - الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني