سعد بن عبدالقادر القويعي
من شأن المسؤوليات أن تغلق الباب بوجه الفوضى، والانحراف، واللاّنظام، -ولذا- فإن المكاشفة بين الدولة، والشعب، ينبغي أن تكون تجاه قضايا الفساد - المالي والإداري - من قبل - كافة - مؤسسات الدولة، وفئات المجتمع، وهو الأمر الذي تضمنته الأوامر الملكية الصادرة -قبل أيام- في معرض تطرقها للتحقيق مع - وزير الخدمة المدنية السابق - خالد العرج، والإشارة إلى نظام محاكمة الوزراء السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم 88 بتاريخ 22-9-1380، وقرار مجلس الوزراء رقم 508 بتاريخ 21-9-1380، وتنص مادته الأولى على أن: «أحكام هذا النظام تسري على أعضاء مجلس الوزراء، والموظفين المعينين بمرتبة وزير، إذا ارتكبوا أثناء تأدية وظيفتهم أيا من الجرائم المنصوص عنها في هذا النظام».
لا يمكن للفساد أن يستفحل في داخل أي مجتمع إلاّ عندما يحاط بالسرية التامة؛ مما جعل تقارير الخبراء، والمتخصصين تتفق على ضرورة مكافحة ظاهرة الفساد، وتطويقه؛ للقضاء عليه. كما أن الإرادة السياسية، والتوافق المجتمعي على مكافحه الفساد، ستمكنهم من الرقابة الحقيقية، والمحاسبة، وإحالة المخالفات، والمخالفين إلى القضاء، وهي المعادلة الصحيحة التي تعكس نطاق السلطات، والمسؤوليات، وقنوات الاتصال المعتمدة فيما بينهم، بحيث يتيح الفرصة لكل منهم؛ لتأدية دورهم بالشكل المطلوب.
لرهان المجتمع المدني، والدولة، فإن المحاسبة عن المخرجات، أو النتائج المتوقعة من الأشخاص، والأجهزة، بل والحكومة -ككل-، ستحقق قفزة نوعية في استرداد الثقة، والمصالحة بين مسؤولي الإدارة، وعموم الناس؛ باعتبار أن علاقة المحاسبة العادلة القائمة بينهما، هو ما تضمنته «رؤية السعودية» التي أعدها مجلس الشؤون الاقتصادية، والتنمية برئاسة عرّابها -ولي ولي العهد الأمير- محمد بن سلمان، ووافق عليها مجلس الوزراء كبرنامج تعزيز حوكمة العمل الحكومي، من خلال إعادة هيكلة مستمرة، ومرنة للأجهزة الحكومية، التي تهدف إلى تسهيل الإجراءات، وتحديد الاختصاصات بشكل واضح، وتفعيل مسؤولية الجهات في تسلم مهماتها بشكل يسمح لها بالتنفيذ، ويمكن المساءلة.
تعتبر ظاهرة الفساد من أبرز المشكلات التي تواجه خطط التنمية، -وخصوصا- في المجتمعات، والدول النامية. وبقدر ما نحقق من معايير الإصلاح، والمساءلة، ومكافحة الفساد، والمفسدين، سنكون أقرب إلى بناء مجتمع الشفافية الذي ينادي به كل المخلصين من أبناء الوطن، وهو كفيل بتحديث القدرات المؤسساتية، والبشرية للأجهزة العليا للرقابة، من خلال اتخاذ مجموعة من الإصلاحات العميقة في العمل الرقابي -برمته-؛ من أجل تعزيز نطاق المحاسبة، والمساءلة لمكافحة الفساد، والتسيب الإداري في أجهزة الدولة.