عروبة المنيف
آلمني ما تمر به إحدى الصديقات من ضيق وكآبة وحزن، جراء الصدمة التي تلقتها من أقرب الناس إليها، زوجها ورفيق عمرها ودربها الطويل، فآثار الصدمة هي الشاهد على ما يرتكبه أحباؤنا من زلات بحقنا. فعدم التصديق والإنكار ولوم الذات واهتزاز الثقة بالنفس إلى الحزن الشديد والاكتئاب، هي من تداعيات الصدمة، لقد اعترف لها زوجها بزواجه من أخرى بدون أي مقدمات، ما يتوجب عليها في الحال أن تتقبل ذلك الواقع الأليم!.
تدهشني تصرفات أولئك الأزواج، فهم في أحوالهم العادية يتشاركون مع زوجاتهم في اتخاذ جميع القرارات، سواء كانت قرارات تخصهما كزوجين أو تخص الأسرة بأكملها، كشراء منزل للأسرة، أو اختيار الأثاث، أو اختيار مدارس الأبناء المناسبة، أو المكان المناسب لقضاء العطلة مع الأسرة، وغيرها من قرارات، ولكننا نرى العجب عند اتخاذ قرار مفصلي ومصيري بالنسبة للزوجين وللأسرة بأكملها، ويؤثر على الرباط الزوجي المقدس، ليتخذ ذلك القرار من قِبل الأزواج بطريقة فردية تتسم بالخفاء والتكتم الشديدين، حيث نجد أن هؤلاء الأزواج وللأسف، ينتهجون طريقاً موارباً يفتقر إلى النزاهة والشفافية والمصارحة في اتخاذ ذلك القرار، فيخفون عن زوجاتهم وأبنائهم قرار ارتباطهم وزواجهم بأخرى ويتكتمون على الأمر وعلى جميع إجراءاته!.
إن بعض الأزواج إن لم يكن غالبيتهم في هذه الأيام، «حيث بدأت تشكل ظاهرة مجتمعية تستحق الدراسة»، لا يصارحون زوجاتهم بنواياهم منذ البداية في الزواج بأخرى، ولا حتى بعد ارتباطهم بها، وأحياناً تعلم الزوجة الأولى بزواجه من أخرى، بعد إنجاب الزوجة الجديدة للأطفال، وتحضرني حادثة سمعتها عن ردود أفعال الزوجة الأولى «الهستيرية» عندما تلقت صدمة اقتران زوجها بأخرى وإنجابه الأطفال منها في مجلس عزائه!.
من الصعوبة إيقاف الرجال عن اتخاذ قرار الزواج بأخرى، فهو في النهاية قرار واختيار شخصي يرتبط بعوامل عديدة سواء كانت جسدية أو نفسية أو اجتماعية، ولكن ما نأمله من أولئك الأزواج الراغبين في الارتباط بأخرى أن يتوافر لديهم قدر من الشفافية والوضوح أمام زوجاتهم وأبنائهم، فهو قرار يخص الأسرة بأكملها، ولا يخص الزوج وحده، نتيجة تأثيره على صحة وديمومة العلاقة الزوجية السليمة أولاً، وعلى الصحه النفسية للأسرة بأكملها.
إن انتهاج مبدأ المصارحة الزوجية بالمشاعر وبالنوايا وبكل صدق وشفافية منذ البداية يجعل ردود الأفعال أكثر حكمة وحنكة، قد تكون تلك المصارحة صعبة في البداية، ولكنها في النهاية تضع النقاط على الحروف، لتنقشع الغيوم التي تغلف محيط رباطهما الزوجي، ويقرر الطرفان ما هو الأنسب لهما وللأسرة بأكملها في جو من الوضوح والصدق والمكاشفة والانفتاح، فالمرأة التي تطعن بخنجر الخيانة، تكتشف الدسائس، لتعايش الظلم والغبن والقهر، والخنجر الذي طعنت به من الخلف يبقى مغروزاً بها، لا يكف جرحه عن النزف ليستمر ذلك الخنجر شاهداً على مكان جرحٍ لا يندمل طوال العمر، فرفقاً بالقوارير.