هدى بنت فهد المعجل
هل تعتبر نفسك أحد المفكرين الذين يتم إقصاؤهم واستبعادهم من الفضائيات ووسائل الإعلام؟
- أنا أزعم أنني باحث جاد ومفكر وأكاديمي لا يبحث عن النجومية، وأنا أحترم نهجي وأعمالي ولا أجد مسوغاً لأن أروّج لهما ولنفسي في الفضائيات، كما أنني لا أشكو في هذا الصدد من عقدة الاضطهاد وأعتقد أنّ الذهاب إلى استوديوهات الفضائيات لن يضيف شيئاً إيجابياً إلى قيمتي الشخصية ولن يرقى بأعمالي إلى مرتبة أسمى.
د. فهمي جدعان..
***
لا أدري إن كانت الشخصية معروفة لدى المتابعين وثلّة القراء وأنصاف المثقفين أم لا.. أعني شخصية (د. فهمي جدعان ) حيث إنّ أضواء الشهرة الإعلامية لم تغره إغراء يحرضه على طرق أبواب الإعلام والفضائيات باباً، باباً..!!
د. فهمي جدعان حاصل على دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة السوربون.. وعمل أستاذاً للفلسفة والفكر العربي والإسلامي في عدد من الجامعات الأردنية وشغل عدة مناصب حساسة.. وله مؤلفات قيّمة عدة ليس بالإمكان تعدادها.. مُنح وسام سعف النخيل الأكاديمية.. ووسام القدس للثقافة والآداب والفنون.. وجائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية.. وجائزة سلطان العويس للدراسات الإنسانية.. وهو الآن أستاذ الفلسفة في جامعة الكويت.. مناصب وجوائز وأوسمة نالها وينالها غيره كثيرون.. وما يعنينا في شخص الدكتور فهمي إجابته على السؤال المطروح في بداية مقالي.. حيث خرجنا بعدّة نقاط هي:
- النجومية ليست ما يبحث عنها المثقف والأديب الجاد.
- في عدم بحثه عنها احترام لمنهجه وأعماله فلا يروّج لها في الفضائيات ووسائل الإعلام.
- وذلك لن يضيف إلى قيمته شيئاً إيجابياً ولن يرتقي بأعماله إلى مرتبة أسمى.
فهل رؤية الدكتور منطق العقل وعين الصواب؟
واقع العطاء الفكري والأدبي والثقافي هو من يؤكد ذلك أو يبطله.. وواقع الفن والرياضة كذلك..!!
لماذا؟
لأني مع رأي الدكتور في عدم سعيه نحو وسائل الإعلام طلباً للشهرة والنجومية التي تهم الأكثرية.. لأنّ الفكر الذي يقدمه والوقت الذي يمنحه إياه أهم من أن يُهدر في السعي للنجومية الموقوتة الفلاشية.. وذلك لا يتعارض مع الدور الواجب على الفضائيات ووسائل الإعلام في البحث عنه وأمثاله، من أجل تقديمه للمتابع والمهتم بالشأن والمنهج الذي يسير عليه فكرياً وأدبياً وثقافياً.
الجهات الإعلامية باتت تهتم بشأن واحد وتهمل شؤون العقل والفكر والتفكير والإبحار المعرغي.. أو أنها تسعى نحو تقديم ما يهم رجل الشارع، وامرأة شاي الضحى وتغيّب غذاء العقل المنهج الواعي، البنّاء، الرصين، المنفتح على العالم بأكمله وكافة تخصصاته.. ولا ننكر دور العلاقات الخاصة والشللية في إبراز بعض الشخصيات البسيطة في المجتمع، وتغييب من على أكتافها يتحقق الرقي والنمو والوعي.. ويكفينا متابعة متواضعة لوسيلة إعلامية ما، تصل بنا إلى أنها تكرر دعوة شخصيات معينة من أجل لقاء فكري.. أو حوار.. أو مناقشة.. أو ورقة عمل.. أو أمسية بحيث تتوهم أن المنطقة خلت إلا من هذه الثلة المتواضعة.. وإن لم يركز الإعلام عليهم لجأوا أنفسهم إلى (الترزز) وفرض الذات على المشاهد.. المتابع.. القارئ.. والمهتم.. ولأنّ ظهورهم فقاعة صابون لا تلبث أن تتلاشى في الجو وتتبخر من الأذهان، فنتأكد أن الزبد يذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. ولآن وسائل الإعلام فقدت وهجها توجّه المغرم بالشهرة لقنوات تواصل استجدت واتسعت آخرها سناب شات وسطوة شخصيات هلامية وأشخاص لا يملكون من الوعي المعرفي والثقافي ما يؤهلهم للانتشار لكنهم انتشروا واشتهروا، ليس لأنّ بضاعتهم ثرية مغرية وثمينة، بل لأنّ العامة بسطاء ذهنياً بالتالي يسهل استغلالهم والعبث بعقولهم وإقناعم بأشياء هي لا شيء، لكن الجهل ووضاعة التفكير صنعت منها شيئاً، لكن هذا الشيء مدة بقائه على السطح مقدّر بزمن ضئيل، إذا لا أمل في نزوله للعمق وانتشاره على مدى الأزمان القادمة وعلى مدى الأمكنة.