ثامر بن فهد السعيد
جاءت الأوامر الملكية التي صدرت السبت الماضي لتكون نافذة أمل للقطاع التجاري في المملكة والذي شهد في الأشهر السبعة الماضية انخفاضا في مبيعاته بعد أن تراجعت القوة الشرائية لدى المستهلكين في المملكة ولا شيء أكثر دلالة على ذلك من تفاعل شركات التجزئة في السوق المالية السعودية وهي الشركات التي تتعامل مع المستهلكين بشكل مباشر، فقد تحرك هذا القطاع شمالا استبشارا بعودة ما خصم من بدلات على موظفي القطاع العام وعودة دخل الفرد لما كان عليه سابقا ومن المتوقع أن يظهر أثر هذه القوة الشرائية العادة على التقارير الشهرية لمؤسسة النقد العربي السعودي وتحديدا من شهر مايو من العام الحالي، حيث من المتوقع أن تعود متوسطات التعامل الشهري عبر أجهزة نقاط البيع و أجهزة الصرف الآلي لما يتجاوز 15 مليارا شهرياً لنقاط البيع و 60 مليار ريال شهرياً لأجهزة الصرف الآلي.
يشير هذا التفاعل مع الأمر الملكي الخاص بالبدلات إلى القناعة على وجه العموم بأن الدولة ستبقى الراعي والداعم للاقتصاد المحلي بشكل مباشر عبر ما تقدمه من تسهيلات ودعم, وغير مباشر عبر ما يجري من أموال ونقد بأيدي المستهلكين وهم من يشكلون القوه الشرائية في المملكة، وكذلك عبر الشراكات الحكومية بالقطاع الخاص، وهذا دور اعتادت عليه الحكومة منذ أن بدأت السير نحو تنمية الاقتصاد السعودي على وجه العموم والقطاع الخاص على وجه التحديد.
منذ الإعلان عن برنامج التحول الوطني والرؤية 2030 كان واضحا بأن المملكة متجهة نحو تصحيح دور الحكومة في الاقتصاد وكذلك زيادة كفاءة الانفاق واستهلاك الموارد ولا شك أنهما هدفان لا يمكن المجادلة حولهما، زيادة كفاءة استهلاك الموارد يعزز المحافظة عليها وتعزيز دور القطاع الخاص في المشاركة الفاعلة في الاقتصاد سيعزز دوره في البحث والتطوير للوصول إلى نموذج أعمال فاعل يساهم بشكل مستديم في الاقتصاد. حتى نتمكن من تطبيق هذا التحول بين تقليل الاعتماد على الدعم الحكومي وتعزيز الكفاءة في استهلاك الموارد كان وجب رسم خط زمني لتحقيق هذا الهدف يقيس معيار التقليل من الاعتماد على الدولة في دعم الاقتصاد بشكل مباشر وغير مباشر لصالح تقليص ما ينفق منها له، فلو اعتبرنا أن من كل ريال واحد يضخ في الاقتصاد حصة الدولة فيه 80 هللة فإن التحول يتطلب قياس نسبة الخفض في الجانب الحكومي لصالح زيادة فاعلية ودور القطاع الخاص في المملكة عبر توقيت زمني يقلل من الآثار الجانبية له، فلا يمكن اليوم تقليص نسبة الدولة مما ينفق في الاقتصاد بشكل مباشر وانما بشكل متدرج، هذا ما حصل بين توصية وزارة الخدمة المدنية ووزارة الاقتصاد والتخطيط عندما تمت التوصية بتعليق العمل بما يزيد عن 21 بدلا بغية ترشيد الإنفاق دون العمل على تعويضها وبين ما حصل في القطاعات التجارية من آثار جانبية زادت عليها أعباء إضافية بجانب المتغيرات في تكاليف التشغيل والتوطين لهذه القطاعات.
اليوم وبعد أن صدر الأمر الملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بإعادة البدلات والروح للقوة الشرائية أكاد أجزم بأن الكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة قد تنفست الصعداء وتغيرت نظرتها لمستقبل قطاع المال والأعمال.